واحد ، بل باعتبار المبدأ بحسب القرب والبعد وإن كان الكلّ ينتهى إليه سبحانه ، فأجاب العبد ، بل الرب بلسان عبد : بأنّ المسئول طريق الذين أنعمت عليهم بشرف الوصال ، من دون شوب الغضب والضلال ، فهم أرباب المنحة لا المحنة وأصحاب النعمة لا النقمة ، بل هم الواصلون ، وغيرهم الضالّون المضلّون.
خليلىّ قطّاع الطريق إلى الحمى |
|
كثير ولكن واصلوه قليل |
ثمّ إنّ الذين في موضوع الجرّ بإضافة الصراط إليه ، وهو جمع الّذي من لفظه لذوي العلم في الأحوال الثلاثة عند الأكثر ، وهو الأصحّ والأفصح ، واللّذون رفعا هذليّة ومنه قولهم :
نحن اللّذون صبّحوا الصبّاحا.
نعم ربما يقال : إنّ إعراب الجمع لغة من شدّد الياء في الواحد ، وهذا يقوّي قول الجزولي : إنّ الذي مشدّد الياء معرب وأصله اللّذيّون فحذف أحد اليائين ، ثمّ عمل ما عمل بقاضون ، وعن بعضهم عدم الحذف والعمل أصلا ، بل الجري على الأصل بالواو رفعا ، وبالياء مع الياء المشدّدة نصبا وجدّا.
وهذا كلّه من أضغاث أحلام المعربين الذين وجدوا الألفاظ مستعملة ثم تكلّموا فيها بما هو شبيه برجم الغيب ، كما تكلّموا في الّذى أيضا بمثل ذلك ، حيث زعم الكوفيون أنّ أصله الذال الساكنة فلما أرادوا إدخال اللّام الساكنة عليها زادوا قبلها لا ما متحرّكة لئلّا يجمعوا بين الذال الساكنة ولام التعريف الساكنة ، ثمّ حرّكوا الذال بالكسر ، وأشبعوا الكسر فتولّدت ياء.
والبصريون أنّ أصله لذ بالفتح والكسر ألزمت اللام التعريف الّتي لا تفيدها تعريفا ، لكونها من المعارف تحسينا للفظها وأشبعت الكسرة ياء.
لكنّه كغيره من تكلّفاتهم ممّا لا ينبغي الإصغاء إليه ، بل ولا إلى ما ذكره عارفهم الشيخ صدر الدين القونوى من أنّ الّذي أصله الذيّ ، ولكثرة التداول والاستعمال أفضى فيه الأمر إلى أن حذفت ياؤه المشدّدة ، ثم تدرّجوا فحذفوا الياء