حقّها في الأصل أن يوصف بها لما فيها من معنى اسم الفاعل الّذي هو المغايرة ، فمعنى قولك زيد غير عمرو : مغاير له ، وموصوفها نكرة محضة نحو : (نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) (١) أو معنى خاصّة كما في المقام على أحد الوجهين وإن كان في اللفظ معرفة.
قال في «القاموس» : إنّها بمعنى سوى ، وتكون بمعنى لا (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) (٢) اى جائعا لا باغيا ، وبمعنى إلّا.
قلت : ومثله عن «التيسير» في استعمالها على الوجوه الثلاثة ، بل ربما يقال بجوازها في المقام أيضا.
فالأولان على قراءة الجرّ ، وان كان الفرق بينهما أنّها في الأوّل بمعنى المغايرة كقوله تعالى : (لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ) (٣) اي سواه ، وفي الثاني لمجرّد النفي كقوله تعالى : (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ) (٤) أى لا متجانف ، وعليهما تكون مجرورة بالتّبعية كما تسمع.
والثالث على قراءة النصب على الحال أو الاستثناء أو الإضمار.
ثمّ إنّها لشدّة إبهامها ونسبيّة معناها تلزمها الإضافة في المعنى ، وربما قطعت عنها لفظا إن فهم معناه ، وتقدّمت عليها ليس ، لا غيره من ألفاظ الجحد ، ولذا قيل : إنّ لا غير لحن وردّ بأنّه مسموع في قول الشاعر :
جوابا به تنجو اعتمد فو ربّنا |
|
لعن عمل أسلفت لا غير تسئل |
قيل : وقد سمع قبضت عشرة ليس غيرها بالرفع وبالنصب ، وليس غير بالفتح
__________________
(١) فاطر : ٣٧.
(٢) البقرة : ١٧٣ ، الأنعام : ١٤٥ ، النحل : ١١٥.
(٣) الإسراء : ٧٣.
(٤) المائدة : ٣.