وأما القسم الثالث فيمكن أن يكون النهي فيه عن العبادة المتحدة مع ذاك العنوان أو الملازمة له بالعرض والمجاز ، وكان المنهي عنه به حقيقة ذاك العنوان ، ويمكن أن يكون على الحقيقة إرشادا إلى غيرها من سائر الأفراد ، مما لا يكون متحدا معه أو ملازما له ، إذ المفروض التمكن من استيفاء مزية العبادة ، بلا ابتلاء بحزازة ذاك العنوان أصلا (١).
______________________________________________________
حمله على الارشاد ، ولذا قال (قدسسره) : ((ان النهي في هذا القسم لا يصلح إلّا للارشاد بخلاف القسم الاول)) فقد عرفت انه يمكن ان يكون النهي فيه مولويا ويمكن ان يكون ارشاديا ولذا قال : ((فانه يكون فيه مولويا وان كان حمله على الارشاد بمكان من الامكان)).
(١) وهو ما تعلق النهي به لا لأجل حزازة ومنقصة في ذات العبادة ، بل النهي المتعلق في ظاهر لسان الدليل بالعبادة انما هو لأجل انها قد اجتمعت مع المكروه إما بنحو الاتحاد أو بنحو الملازمة ، كالصلاة في مواضع التهمة فان الكون في مواضع التهمة بنفسه مكروه سواء وقعت صلاة فيه ام لم تقع.
وهذا هو الفرق بين هذا القسم الثالث والقسم الثاني كمثل الصلاة في الحمام ، فان الكون في الحمام بنفسه لا كراهة فيه ولذا كان النهي فيه للارشاد إلى المنقصة والحزازة التي تلحق ذات العبادة باقترانها بهذا المشخص.
ولا فرق فيه بين القول بالجواز والامتناع ، بخلاف هذا القسم فانه حيث كان نفس الكون في مواضع التهمة مكروها سواء وقعت الصلاة فيه ام لم تقع فحال الكون في هذا الموضع حال الكون في الدار المغصوبة سوى ان ذلك محرم وهذا مكروه ، فلذا بنى الكلام في هذا القسم على التفصيل بين المبنيين من الجواز والامتناع.
وان الحال فيه على الجواز غير الحال فيه على الامتناع ، وتوضيحه ببيان امور :
الاول : انه حيث كان ذو الحزازة والمنقصة هو الكون في مواضع التهمة دون نفس الصلاة فلا بد من رفع اليد عن ظاهر النهي بتوجهه إلى نفس الصلاة بناء على الجواز