وفيه : إنّه لا سبيل للعرف في الحكم بالجواز أو الامتناع إلّا طريق العقل ، فلا معنى لهذا التفصيل إلّا ما أشرنا إليه من النظر المسامحيّ للغير المبتني على التدقيق والتحقيق. وأنت خبير بعدم العبرة به ، بعد الاطّلاع على خلافه بالنظر الدقيق.
وقد عرفت فيما تقدّم : أنّ النزاع ليس في خصوص مدلول صيغة الأمر والنهي ، بل في الأعمّ ، فلا مجال لأن يتوهّم أنّ العرف هو المحكّم في تعيين المداليل ، ولعلّه كان بين مدلوليهما حسب تعيينه تناف لا يجتمعان في واحد ولو بعنوانين وإن كان العقل يرى جواز اجتماع الوجوب والحرمة في واحد بوجهين ، فتدبّر (١).
______________________________________________________
(١) يقول هذا المفصّل بانه يجوز اجتماع الأمر والنهي عند العقل ويمنع اجتماعهما عند العرف ، وقد اشار المصنف الى مدركين لهذا التفصيل :
الاول : ان يكون السبب في هذا التفصيل هو ان العقل يرى ان المجمع ليس واحدا فلذا يرى جواز الاجتماع ، والعرف يرى ان المجمع واحد فيرى الامتناع.
والجواب عنه : ان العرف ليس له ـ بما هو عرف ـ رأي في هذا بل العرف يتبع في ذلك حكم العقل ، فالعرف اذا رجع إلى العقل فيما يحكم به العقل هو المتبع عند العرف ، فاذا كان العقل الذي ينظر الحال بنحو التدقيق والتحقيق يرى ان المجمع ليس واحدا ، والعرف يراه واحدا لانه لا ينظر كما ينظر العقل بل نظره مبتن على التسامح وعدم التدقيق فلذا يراه واحدا ، ولكن حيث ان العرف لا معوّل على ما يراه في هذا المقام فلا بد من ان يتبع العقل في حكمه ورأيه.
وبعبارة اخرى : ان العرف انما يتبع في مداليل الالفاظ حيث وضعت للتفاهم ، فاذا كان العرف يفهم منها شيئا يكون هو المتبع.
واما في مصداق ما هو متعلق للأمر والنهي وانه في الخارج هل هو واحد أو متعدد؟ فلا وجه لاتباع العرف في نظره المبني على التسامح ، ولا بد في اتباع رأي