فإنه يقال : لا ضير في اتصاف ما يقع عبادة ـ لو كان مأمورا به ـ بالحرمة الذاتية ، مثلا صوم العيدين كان عبادة منهيا عنها ، بمعنى أنه لو أمر به كان عبادة ، لا يسقط الامر به إلا إذا أتى به بقصد القربة ، كصوم سائر الايام ، هذا فيما إذا لم يكن ذاتا عبادة ، كالسجود لله تعالى ونحوه ، وإلا كان محرما مع كونه فعلا عبادة ، مثلا إذا نهي الجنب والحائض عن السجود له تبارك وتعالى ، كان عبادة محرمة ذاتا حينئذ ، لما فيه من المفسدة والمبغوضية في هذا الحال (١) ، مع أنه لا ضير في اتصافه
______________________________________________________
الامر حقيقة غير معقول أيضا لانه شيء غير مقدور ، ولذا قال : ((وعدم القدرة عليها مع قصد القربة بها)).
نعم يمكن قصد اتيانها امتثالا للأمر التشريعي ، ولذا قال : ((الا تشريعا ومعه)) أي مع قصد التشريع ((تكون)) تلك العبادة التشريعية ((محرمة بالحرمة التشريعية لا محالة ومعه)) أي ومع اتصافها بالحرمة التشريعية ((لا تتصف بحرمة اخرى لامتناع اجتماع المثلين كالضدين)) فانه كما لا يعقل ان يجتمع الوجوب والحرمة في شيء واحد كذلك لا يعقل ان تجتمع حرمتان في شيء واحد.
(١) أجاب المصنف عن هذا الاشكال بثلاثة أجوبة :
الأول ما اراده بقوله : ((لا ضير)) وحاصله : في ان الحرمة الذاتية تتعلق بالعبادة ، لان العبادة اما ان تكون ذاتية وهي لا تحتاج الى قصد القربة في وقوعها عبادة ، فان قصد العنوان فيها هو الموجب لعباديتها كتعظيم المولى وتقديسه.
واما ان تكون غير ذاتية وهي التي لو تعلق بها أمر لكان عباديا لا يسقط إلّا بقصد القربة ، فالعبادة هي ذات ما يتعلق به قصد القربة ، وليس المراد بالعبادة ما كانت عبادة بالفعل مقصودا بها القربة حتى يلزم من تعلق النهي بها التكليف بغير المقدور.