ثانيها : إنه لو دل لكان بإحدى الدلالات ، والملازمة كبطلان التالي ظاهرة (١) ، وقد أجيب عنه بمنع بطلان التالي ، وأن الالتزام ثابت ، وقد
______________________________________________________
(١) هذا هو الدليل الثاني من الذي استدل به على عدم المفهوم ، وانه لا دلالة للقضية الشرطية على الانتفاء عند الانتفاء ، وانه لمجرد الثبوت عند الثبوت.
وحاصله : ان الدلالة اللفظية تنحصر في المطابقة والتضمن والالتزام. فدعوى دلالة القضية الشرطية على المفهوم لا تخلو عن هذه الثلاث.
ومن الواضح ان المفهوم ليس مدلولا مطابقيا ولا تضمنيا فانه حيث لا يعقل ان يكون المفهوم كل مدلول القضية الشرطية فلا يعقل دعوى الدلالة المطابقية ، واما التضمنية فلوضوح ان المفهوم ليس جزءا من مدلول القضية الشرطية كما قيل ذلك في لفظ الشمس في دلالتها على الضوء تضمنا لانها تدل على الجرم وعلى الضوء فالضوء جزء من مدلول لفظ الشمس ولذلك لم يدع احد دلالة القضية الشرطية على المفهوم بالمطابقة او بالتضمن ولوضوح ان المفهوم لا يعقل ان يكون مدلولا عليه بالمطابقة او بالتضمن وإلّا لكان المفهوم منطوقا فان الدلالة المطابقية والتضمنية من المنطوق لا من المفهوم.
واما دعوى الدلالة التزاما فلا بد وان يكون لدلالة القضية الشرطية على الانحصار المستلزم ذلك للانتفاء عند الانتفاء ولا تدل القضية الشرطية على الانحصار التزاما فاذا انتفت الدلالات الثلاث فلا وجه لدعوى دلالة القضية اللفظية على المفهوم ، وترتيب هذا الاستدلال انه لو دلت القضية على المفهوم لكانت بإحدى الدلالات الثلاث لانحصار الدلالة فيها ، فهذه الملازمة بين المقدم والتالي واضحة ، اذ بعد انحصار الدلالة فهنا تتحقق الملازمة في هذه القضية وهو التلازم بين دلالة القضية على المفهوم وبين انه لا بد وان يكون ذلك باحدى الدلالات الثلاث ، ولكن دعوى دلالة القضية على المفهوم بإحدى الدلالات الثلاث واضحة البطلان لما عرفت من عدم دلالة القضية الشرطية على المفهوم بالمطابقة ولا بالتضمن ولا بالالتزام ومن الواضح انه