تنبيه : وهو أنه يمكن أن يكون للمطلق جهات عديدة ، كان واردا في مقام البيان من جهة منها ، وفي مقام الاهمال أو الاجمال من أخرى ، فلا بد في حمله على الاطلاق بالنسبة إلى جهة من كونه بصدد البيان من تلك الجهة ، ولا يكفي كونه بصدده من جهة أخرى (١) ، إلا إذا كان بينهما
______________________________________________________
(١) بعد ما عرفت ان من مقدمات الاطلاق كون المتكلم في مقام بيان مراده ، وان من الواضح ان المتكلم ربما يكون في مقام البيان من جهة خاصة دون جهة اخرى كما هو مشاهد بالوجدان ، فاذا كان المتكلم في مقام البيان من جهة اضافة صديقه ، فقال لعبده احسن لفلان فليس لعبده التمسك باطلاق لفظ الاحسان في فرضه لصديقه اذا كان المولى في مقام البيان من جهة اضافة صديقه فقط ، ولذا لا يتمسكون باطلاق الاحكام الواردة في مقام البيان من جهة التشريع في الجهات الاخرى ، فقول الشارع مثلا الصلاة واجبة على كل مكلف ليس له اطلاق ينفي به الجزء المشكوك في كونه من اجزائها ام لا.
ولذلك انكروا على الشيخ قدسسره في تمسكه باطلاق (فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ)(١) على طهارة موضع عضّة الكلب المعلّم من الحيوان الذي يصطاده الكلب ، لان الاطلاق وارد في مقام بيان حكم الحلية للحيوان وانه من المذكى اذا صاده الكلب المعلّم ، لا من كل جهة حتى من ناحية الطهارة والنجاسة ، فجواز الأكل الذي دلت عليه الآية المباركة هو الجواز من ناحية انه ليس من الميتة التي لا يحل اكلها ، فهو في مقام البيان من جهة الحلية لا من كل جهة حتى الجواز من ناحية كونه طاهرا وليس بنجس ، فالآية المباركة هي في مقام البيان من ناحية الحلية ، واما من ناحية الطهارة فهي في مقام الاهمال لا البيان ، ولذا قال : «فلا بد في حمله على الاطلاق بالنسبة
__________________
(١) المائدة : الآية : ٤