ومنه قد انقدح أن ما وضع للخطاب ، مثل أدوات النداء ، لو كان موضوعا للخطاب الحقيقي ، لا وجب استعماله فيه تخصيص ما يقع في تلوه بالحاضرين ، كما أن قضية إرادة العموم منه لغيرهم استعماله في غيره (١) ، لكن الظاهر أن مثل أدوات النداء لم يكن موضوعا لذلك ، بل
______________________________________________________
ويفهمه ، فاذا كان الخطاب الحقيقي كون السامع هو المعني بالكلام ليسمع ويفهم استحال خطاب غير المشافه بالكلام ، لعدم امكان ان يكون الغائب فضلا عن المعدوم معنيا بالكلام لان يسمع ويفهم ، لعدم امكان ان يسمع فضلا عن ان يفهم من السماع.
ومن هذا اتضح ان الكلام في هذه الجهة الثانية يشمل الغائبين والمعدومين ، بخلافه في الجهة الاولى ، فقد عرفت اختصاص استحالة عدم شمول التكليف انما هو للمعدومين فقط دون الغائبين ، ولذا ادرج الغائبين في هذه الجهة دون الاولى ، فقال : «لا ريب في عدم صحة خطاب المعدوم بل الغائب حقيقة وعدم امكانه» واشار الى وجه ذلك بقوله : «ضرورة عدم تحقق توجيه الكلام نحو الغير حقيقة» بان يكون معنيا بالكلام ليسمع ويفهم «إلّا اذا كان موجودا» لا معدوما «وكان بحيث يتوجه الى الكلام» وهو خصوص المشافه فانه هو الذي يمكنه ان يتوجه الى الكلام «ويلتفت اليه» دون الغائب فضلا عن المعدوم.
(١) لا يخفى ان الجهة الثالثة ، وهو كون الالفاظ الواقعة في تلو الخطاب هل المراد منها خصوص المشافهين او يعم الغائبين والمعدومين؟ يتبين مما استعمل فيه ادوات الخطاب اصطلاحا كالكاف وانتم او مما هو بمنزلتها كادوات النداء ، فانها لو كانت مستعملة في الخطاب الحقيقي الذي هو كون السامع معنيا بالكلام ليسمع ويفهم فلا محالة يكون المراد بالالفاظ الواقعة بعده كالذين آمنوا الواقع بعد يا ايها والناس والمؤمنون هو خصوص المشافهين وتكون القضية قضية خارجية ، واذا كان الخطاب ليس مستعملا في الحقيقي ، بل في غيره كان المراد بالالفاظ الواقعة بعده ما يعم