ولا يذهب عليك أن إثبات الاجمال أو البيان لا يكاد يكون بالبرهان ، لما عرفت من أن ملاكهما أن يكون للكلام ظهور ، ويكون قالبا لمعنى ، وهو مما يظهر بمراجعة الوجدان (١) ، فتأمل (٢).
ثم لا يخفى أنهما وصفان إضافيان ، ربما يكون مجملا عند واحد ، لعدم معرفته بالوضع ، أو لتصادم ظهوره بما حف به لديه ، ومبينا لدى الآخر ، لمعرفته وعدم التصادم بنظره ، فلا يهمنا التعرض لموارد الخلاف والكلام والنقض والابرام في المقام (٣) ، وعلى الله التوكل وبه الاعتصام.
______________________________________________________
الكمال او وصف الصحة ، فهل المراد لا صلاة صحيحة او لا صلاة كاملة إلّا بالطهور؟ وليس في الرواية ما يدل على تعيين الوصف فتكون الرواية من المجمل ومدعى كونها من المبين ان المقدر بحسب المتفاهم العرفي المناسب لنفي الحقيقة هو وصف الصحة دون وصف الكمال.
(١) حاصله : ان كون الكلام له ظهور او ليس له ظهور من القضايا الوجدانية وليست من القضايا البرهانية العقلية ، فالاستدلال على اثبات البيان او الاجمال بالدليل العقلي لا مساغ له كما سلكه بعضهم.
(٢) لعله يشير الى ان المراد بالدليل العقلي هو ما يعم الارتكازي النفسي الذي تكون المقدمات البرهانية اخراجا لما هو المرتكز النفسي.
(٣) توضيحه ان وصف الاجمال والبيان ، تارة بملاحظة اللفظ باعتبار وصف نفس اللفظ بهما ، وفي هذا المقام هما وصفان واقعيان لا اضافيان ، لان الكلام الذي له ظهور في الواقع هو من المبين والذي لا ظهور له في الواقع هو من المجمل ، واخرى بملاحظة وصف اللفظ به عند الشخص لما عرفت من ان الوجدان هو الطريق الى معرفة الاجمال والبيان ، وانظار الاشخاص بحسب اختلاف وجدانهم يوجب اختلاف الوصف من ناحية كونه مجملا عند هذا الشخص ومبينا عند غيره.