فصل
قد ظهر لك أنه لا دلالة لمثل رجل إلا على الماهية المبهمة وضعا ، وأن الشياع والسريان كسائر الطوارئ يكون خارجا عمّا وضع له ، فلا بد في الدلالة عليه من قرينة حال أو مقال أو حكمة (١) ، وهي تتوقف على مقدمات :
______________________________________________________
كلامه في المقام وقال انه يستلزم المجاز ، ولم ينبّه على ذلك منوطا بمختارهم في العام والخاص من كون التخصيص مستلزما للمجازية والله العالم.
(١) قد ثبت مما مر ان اسم الجنس ـ مثلا ـ كرجل موضوع للماهية من حيث هي هي المجردة عن كل تقييد ، فان كان قرينة مقالية تدل على ارادة العموم منه اما استغراقا كأكرم كل رجل او بدليا كأكرم رجلا ايما كان ، او تدل على الخصوص كاكرم رجلا عالما ، او قرينة حالية ككون السائل عراقيا في تقدير وزن الكرّ بالمدّ العراقي دون المدني ، اما مع عدم القرينة كقوله اعتق رقبة فلا بد في احراز كون متعلق الحكم هو مطلق الرقبة فتبرأ الذمة بعتق أي رقبة كانت من اجراء مقدمات الحكمة ، فان تمت تم الاطلاق والّا فلا ، وانما سميت مقدمات الحكمة بعد جريانها يلزم ان يكون لو لم يرد المتكلم الاطلاق للزم منه نقض غرضه ، لوضوح ان اغراض المتكلم بالكلام لا بد وان تكون مما يفي كلامه بها ، فكون كلام المتكلم الحكيم يلزم منه عدم الوفاء بغرضه قبيح منه ، وحيث ان المقدمات الآتية مما يحرز بها الاطلاق في كلامه فلو كان قد اراد في كلامه غير الاطلاق لكان خلاف الحكمة من الحكيم ، فلذلك سميت هذه المقدمات بمقدمات الحكمة ، فلذا بعد ان قال ان مثل لفظ رجل موضوع للماهية من حيث هي هي قال فلا دلالة فيها بحسب الوضع على الشيوع والسريان لجميع الافراد ، ثم قال : «فلا بد في الدلالة عليه» أي على الشيوع والسريان «من قرينة حال او مقال او حكمة».