إذا عرفت هذا ، فلا ريب في عدم صحة تكليف المعدوم عقلا ، بمعنى بعثه أو زجره فعلا ، ضرورة أنه بهذا المعنى يستلزم الطلب منه حقيقة ، ولا يكاد يكون الطلب كذلك إلا من الموجود ضرورة (١) ، نعم هو بمعنى
______________________________________________________
والقائل بصحته يقول به مطلقا في التكليف المستفاد من اللفظ او الاجماع او العقل ، وفي الخطاب ايضا سواء كان مستفادا من اللفظ او الاجماع أو العقل : بان يقوم الاجماع على ان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خاطب الحاضرين بخطاب ولو بالاشارة من غير لفظ.
واما الجهة الثالثة : فهو ما يخص بالالفاظ لما عرفت انه فيما يراد من الالفاظ الواقعة بعد أداة الخطاب.
مضافا الى ما مر من ان الالفاظ صالحة بنفسها لأن تشمل الغائبين والمعدومين ولكن حيث كانت الالفاظ مشفوعة باداة الخطاب لذا وقع الكلام في شمولها لهم وعدم شمولها ، وقد اشار الى كون الكلام في الجهتين الاولتين عقليا لا لفظيا بقوله :
«لا يخفى ان النزاع على الوجهين الاولين يكون عقليا» واشار الى ان الجهة الثالثة الكلام فيها لفظي لا عقلي بقوله : «وعلى الوجه الاخير لغويا».
(١) يظهر منه (قدسسره) انه يفصل بين المعدومين والغائبين كما يقتضيه استدلاله على عدم معقولية تكليف المعدومين ، وتوضيحه :
ان المراد من التكليف الذي لا يعقل ان يشمل المعدومين هو التكليف بمرتبته الفعلية ، اما مرتبة التنجز فلتأخرها عن مرتبة الفعلية فبالاولى ان لا يعقل ايضا.
واما الحكم بمرتبته الانشائية فيجوز ان يعم المعدومين كما سيصرح به ، واذا جاز بمرتبته الانشائية فالاولى جوازه بمرتبة الاقتضاء ايضا.
والحاصل : ان الحكم بمرتبته الفعلية هو التحريك التشريعي وهو دفع المبعوث تشريعا ، والتحريك والدفع التشريعي هو بازاء التحريك والدفع التكويني ، ومن البديهي عدم معقولية التحريك الفعلي التكويني للمعدوم ، اذ التحريك الفعلي