وأما البداء في التكوينيات بغير ذاك المعنى ، فهو مما دل عليه الروايات المتواترات ، كما لا يخفى ، ومجمله أن الله تبارك وتعالى إذا تعلقت مشيته
______________________________________________________
فانا نقول : ان اللازم هو ان يكون الحكم بداعي المصلحة ، واما ان المصلحة لا بد وان تكون في المتعلق فلا ملزم بذلك ، وكما تكون المصلحة في متعلق الحكم كذلك تكون المصلحة في نفس الحكم واظهاره بعنوان انه حكم ، فان كان بداعي ضرب القاعدة كان الخاص مخصصا وان كان بداعي اظهار انه هو الواقع كان الخاص ناسخا ، وقد اشار الى انه اذا كان النسخ دفعا لا رفعا لا يكون بداء حقيقة ، بل هو إبداء ولا يلزم تغير في ارادته لانه قبل النسخ لم يكن حكم واقعا بل صورة حكم فلا يستلزم النسخ محالا بقوله : «وذلك لان الفعل او دوامه لم يكن متعلقا لارادته» واقعا لانه كان صورة حكم لا حكم واقعا «فلا يستلزم امره بالنهي تغيير ارادته» كما لو امر باكرام العلماء ثم نهى عن اكرام فساقهم فانه لم يكن الامر باكرام الفساق منهم امرا واقعيا بل كان صورة امر ، فنسخ الامر باكرامهم بالنهي عنه لم يكن نسخا لحكم واقعي بل كان نسخا لحكم صوري ، وقد اشار الى ان الحكم اذا كان صوريا والنسخ دفع لا رفع فلا يرد ما ذكر من ان الفعل ان كان مشتملا على المصلحة امتنع النهي ، وان لم يكن مشتملا عليها امتنع الامر به ، لان الحكم لم يكن حكما واقعيا منبعثا عن مصلحة في المتعلق ، بل كان حكما ناشئا عن مصلحة في نفس اظهاره لا في متعلقه بقوله : «ولم يكن الامر بالفعل» المتعلق للامر ظاهرا «من جهة كونه مشتملا على مصلحة» في نفس متعلقه «وانما كان انشاء الامر به» فيما كان النسخ نسخا للامر بكلّه قبل حضور وقت العمل «او اظهار دوامه» فيما كان النسخ نسخا له في بعض افراده قبل حضور وقت العمل بالعام «عن حكمة ومصلحة» في نفس اظهار الحكم او اظهار دوامه لا في متعلقه حتى يكون النسخ نسخا للحكم الثابت ويكون رفعا له.