به (١) ، وذلك لان الفعل أو دوامه لم يكن متعلقا لارادته ، فلا يستلزم نسخ أمره بالنهي تغيير إرادته ، ولم يكن الامر بالفعل من جهة كونه مشتملا على مصلحة ، وإنما كان إنشاء الامر به أو إظهار دوامه عن حكمة ومصلحة (٢).
______________________________________________________
(١) هذا هو الاشكال في النسخ قبل حضور وقت العمل ، وحاصله : ان حكم العام لو كان هو الوجوب كاكرم العلماء فاكرام الفساق منهم ان كان ذا مصلحة تدعو الى كونه واجبا واقعيا فلما ذا نهى عنه بالنسخ؟ وان لم يكن ذا مصلحة واقعا تدعو الى وجوبه فلما ذا امر به اولا؟ ولذا قال : «فان الفعل ان كان مشتملا على مصلحة موجبة للامر به امتنع النهي عنه والّا» أي ان لم يكن مشتملا على المصلحة امتنع الامر به ، فيلزم اما امتناع النسخ فيما اذا كان فيه مصلحة وان لم يكن فيه مصلحة امتنع الحكم ابتداء الذي هو المنسوخ.
ولا يخفى ان مبنى هذا الاشكال كله هو كون الحكم ينحصر في كونه عن مصلحة في متعلقه.
(٢) هذا هو الجواب ، ولا يخفى ان النسخ كما يكون في بعض الافراد كما في العام المتعقب بالخاص ، كذلك يكون نسخا لكل الحكم كما في العام الناسخ للخاص فانه نسخ للحكم باجمعه ، كما انه يكون بعد العمل فيكون نسخا لدوام الحكم لا لاصله كذلك يكون قبل العمل فيكون نسخا لاصله لا لدوامه ، والى هذا اشار بقوله : «لان الفعل او دوامه» وقد عرفت ان هذا انما يلزم اذا كان النسخ رفعا لا دفعا ، فانه لو كان دفعا فلا يكون الفعل الذي نسخ حكمه اما اصلا او دواما متعلقا للحكم واقعا ، بل الحكم كان صوريا قد تعلقت الحكمة باظهاره ليس إلّا ، ولا يكون الفعل ولا دوامه متعلقا للحكم واقعا فلا يستلزم تغيرا في ارادته ولا يستلزم الجهل.
لا يقال : ان الحكم لا بد وان يكون عن مصلحة في المتعلق ، واذا لم يكن الحكم ثابتا واقعا فلا يكون هناك مصلحة في المتعلق ، فمن أي جهة يكون الحكم منبعثا؟