أما الاول : فلان العام ـ على ما حققناه ـ كان ظاهرا في عمومه ، إلا أنه لا يتبع ظهوره في واحد من المتباينين اللذين علم تخصيصه بأحدهما.
وأما الثاني : فلعدم انعقاد ظهور من رأس للعام ، لاحتفاف الكلام بما يوجب احتماله لكل واحد من الاقل والاكثر ، أو لكل واحد من المتباينين ، لكنه حجة في الاقل ، لانه المتيقن في البين.
فانقدح بذلك الفرق بين المتصل والمنفصل ، وكذا في المجمل بين المتباينين والاكثر والاقل ، فلا تغفل.
وأما إذا كان مجملا بحسب المصداق ، بأن اشتبه فرد وتردد بين أن يكون فردا له أو باقيا تحت العام ، فلا كلام في عدم جواز التمسك بالعام لو كان متصلا به ، ضرورة عدم انعقاد ظهور للكلام إلا في الخصوص ، كما عرفت.
وأما إذا كان منفصلا عنه ، ففي جواز التمسك به خلاف ، والتحقيق عدم جوازه ، إذ غاية ما يمكن أن يقال في وجه جوازه ، أن الخاص إنما يزاحم العام فيما كان فعلا حجة ، ولا يكون حجة فيما اشتبه أنه من أفراده ، فخطاب (لا تكرم فساق العلماء) لا يكون دليلا على حرمة إكرام من شك في فسقه من العلماء ، فلا يزاحم مثل أكرم العلماء ولا يعارضه ، فإنه يكون من قبيل مزاحمة الحجة بغير الحجة (١) ، وهو في
______________________________________________________
لا يكون العام بحجة لا في الاقل الذي هو خصوص مرتكب الكبيرة ولا في الاكثر الذي هو مرتكب الصغيرة ، وتختص حجيته بخصوص العادل ، وفي المنفصل يكون العام حجة في مرتكب الصغيرة ، وتختص عدم حجيته بخصوص مرتكب الكبيرة.
(١) ما تقدم من الكلام كان في المخصص المجمل بحسب المفهوم. والكلام الآن في المخصص المجمل بحسب المصداق ، والمراد من المجمل بحسب المصداق هو ما كان الشك لا لاجل عدم تبين مفهومه ، بل كان من ناحية الامور الخارجة عن المفهوم ،