وأما صحة الصوم في السفر بنذره فيه ـ بناء على عدم صحته فيه بدونه ـ وكذا الاحرام قبل الميقات ، فإنما هو لدليل خاص ، كاشف عن رجحانهما ذاتا في السفر وقبل الميقات ، وإنما لم يأمر بهما استحبابا أو وجوبا لمانع يرتفع مع النذر ، وإما لصيرورتهما راجحين بتعلق النذر بهما بعد ما لم يكونا كذلك ، كما ربما يدل عليه ما في الخبر من كون الاحرام قبل الميقات كالصلاة قبل الوقت (١).
______________________________________________________
(١) هذا هو الجواب عن التأييد ، الذي حاصله دلالة الاخبار على كون العناوين الثانوية باستطاعتها ان تثبت حكما لهذا المشكوك مع انه غير مشمول للعمومات الاولية ، كالاخبار الدالة على صحة الصوم في السفر بالنذر ، وعلى صحة الاحرام قبل الميقات بالنذر ايضا.
وقد اجاب عنه باجوبة ثلاثة ، بعد ان نبه على ان صحة السفر بالنذر انما هو بناء على عدم صحته بغير النذر ، خلافا لما هو المشهور من صحة الصوم المندوب في السفر من دون النذر ، والى هذا اشار بقوله : «بناء على عدم صحته فيه» أي عدم صحة الصوم في السفر «بدونه» أي بدون النذر ، واما بناء على ما هو المشهور من صحة الصوم الندبي في السفر من دون النذر فلا موقع لهذا التأييد ، لانه يكون مما تشمله العمومات الاولية ابتداء فلا شك فيه حتى تكون العمومات الثانوية مثبتة للحكم فيه.
وعلى كل فلا بد من تمهيد وتوضيح في المقام لتظهر اجوبة المصنف عما هو محل الكلام في المقام ، وهو ان نقول :
ان هذا التأييد انما هو كنقض على ما ادعيناه : من ان العناوين الثانوية كالنذر لا تشمل المشكوك لانه قد اخذ في موضوعها حكم الرجحان او الاباحة ، والمشكوك على الفرض قد شك في رجحانه او اباحته ولا يعقل ان يثبت الحكم موضوعه مع انه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.