تعالى بإظهار ثبوت ما يمحوه ، لحكمة داعية إلى إظهاره ، ألهم أو أوحى إلى نبيه أو وليه أن يخبر به ، مع علمه بأنه يمحوه ، أو مع عدم علمه به ، لما أشير إليه من عدم الاحاطة بتمام ما جرى في علمه ، وإنما يخبر به لانه حال الوحي أو الالهام لارتقاء نفسه الزكية ، واتصاله بعالم لوح المحو والاثبات اطلع على ثبوته ، ولم يطلع على كونه معلقا على أمر غير واقع ، أو عدم الموانع ، قال الله تبارك وتعالى : (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ) الآية ، نعم من شملته العناية الالهية ، واتصلت نفسه الزكية بعالم اللوح المحفوظ الذي هو من أعظم العوالم الربوبية ، وهو أم الكتاب ، يكشف عنده الواقعيات على ما هي عليها (١) ، كما ربما يتفق
______________________________________________________
(١) حاصله : انه كما يوجد في الاحكام ما يستلزم البداء ، وقد عرفت انه ليس بداء بل هو اظهار وابداء ، كذلك يوجد في التكوينيات ، بل ما ورد في التكوينيات كان بعنوان البداء ، كما ورد في زيارة الإمام موسى بن جعفر عليهالسلام السلام عليك يا من بدا لله في حقه ، ومثله قد ورد في حق الإمام الحسن العسكري عليهالسلام.
وعلى كل فقد ورد متواترا في الروايات ما يدلّ بظاهره على تحقق البداء عنده تبارك وتعالى ، وقد عرفت محاليته بالمعنى المستلزم لتغير ارادته والجهل عليه ـ تبارك وتعالى ـ فلا بد وان يكون بمعنى الإبداء والاظهار أيضا لا بمعنى البداء الحقيقي ، وانما اطلق عليه البداء تشبيها للابداء في الواجب تعالى بالبداء الحقيقي في الممكن ، فان تغير الارادة والجهل في الممكن مما لا اشكال فيه ولا محالية ، وانما كان محالا في الواجب عزوجل.
وتوضيحه : انه لا اشكال انه في عالم الموجودات المحتاجة الى العلة التامة في وجودها المشتملة على المقتضي وعدم المانع هناك مقتضيات لا مانع لها ولا بد من تحقق معلولها لوجود مقتضياتها بلا مانع ، وهناك مقتضيات لها موانع فلا تتحقق معلولاتها بمجرد وجود مقتضياتها لابتلائها بالمانع ، وقد اشار الى هذا في القرآن