.................................................................................................
______________________________________________________
التكويني هو فعل بين المحرك والمتحرك ، ولا يعقل ان يكون التحريك التكويني فعليا مع كون احد اطرافه ليس له فعلية والمعدوم [لا فعلية له]. واما كون التحريك التشريعي بازاء التكويني فلان معنى كون الحكم فعليا هو بلوغ الامر الى مرتبة بحيث لو انقاد العبد الى مولاه لكان الامر داعيا له ومحركا له ، ومن الواضح ان المعدوم لا يعقل ان ينقاد بالفعل ليكون الامر داعيا ومحركا له بالفعل.
وبعبارة اخرى : ان كون الحكم باعثا بالفعل يستلزم الارادة الحقيقية من الباعث ان ينبعث المكلف عنها بالفعل ، ولا يعقل ان تكون الارادة الحقيقية فعلية والمراد منه غير موجود ومعدوم بالفعل ، لان التحريك الفعلي كما لا بد فيه من محرك بالفعل كذلك لا بد فيه من متحرك بالفعل.
لا يقال : انه قد مر من المصنف امكان الواجب المعلق ولازمه كون الامر فعليا في الواجب المعلق وقد تعلق بامر استقبالي ، وكما لا يعقل ان ينقاد المعدوم لعدم وجوده وفعليته ، فكذلك لا يمكن ان ينقاد الموجود بالفعل اذا كان متعلق البعث غير موجود بالفعل فاذا جاز ان يكون الحكم فعليا مع عدم امكان الانقياد بالفعل لعدم المبعوث اليه فكذلك لا ينبغي ان يكون مانعا عن فعليته مع عدم المبعوث.
فانه يقال : فرق واضح بين عدم المبعوث اليه وعدم المبعوث في حالة فعلية البعث ، فانه مع عدم المبعوث اليه لا ريب في امكان تحقق الانبعاث والانقياد بالفعل من المبعوث أي المكلف ، لعدم المانع له من قبل المكلف ، وانما لم يتحقق لعدم وجود المبعوث اليه حيث انه استقبالي ، بخلاف ما اذا كان المكلف الذي هو المبعوث معدوما فانه لا يعقل ان يكون له انقياد او انبعاث فلا يمكن ان يكون انقياده وانبعاثه فعليا فليس المانع عن فعلية ، التكليف عدم قدرة المكلف بالفعل حتى لا يكون فرق بين عدم المبعوث وعدم المبعوث اليه ، بل المانع عن فعلية التكليف في المعدوم هو عدم الامكان لعدم الموضوع ، بخلافه في الواجب المعلق فان امكان الانبعاث متحقق وغايته عدم فعلية الانبعاث.