(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ ما كانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥))
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) أي آيات القرآن (بَيِّناتٍ) أي واضحات ببيان الحلال والحرام والبعث والجزاء (ما كانَ حُجَّتَهُمْ) أي جوابهم بالنصب خبر (كانَ) ، اسمه (إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا) أي أحيوا لنا آباءنا (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) [٢٥] بأنا نموت (١) ونحيى بعد الموت وسماه حجة على سبيل التهكم لما ساقوه مساقها عن جهل.
(قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٦))
ثم ألزموا بعد إنكارهم البعث وتكذيبهم (٢) الرسل بقول باطل جوابا لهم بما يقرون به من الخالق بقوله (قُلِ اللهُ يُحْيِيكُمْ) في الدنيا (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) عند انقضاء آجالكم (ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ) أولكم وآخركم يوم النفخة الثانية (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ) عند المؤمنين وهو القادر على اتيان آبائكم (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ) أي أهل مكة (لا يَعْلَمُونَ) [٢٦] البعث بعد الموت لكفرهم.
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧))
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي خزائنهما ونفاذ الأمر فيهما (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) ظرف و (يَوْمَئِذٍ) تأكيد له والعامل في الظرف (يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ) [٢٧] أي يومئذ يظهر خسرانهم بتكذيبهم.
(وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨))
(وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً) أي باركة على الركب مجتمعة للحساب لدى الحاكم عليهم (كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا) أي إلى ما في كتابها من خير وشر ، فيقال لهم (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [٢٨] في الدنيا من حسنة أو سيئة.
(هذا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩))
(هذا كِتابُنا) أي يقول الله يومئذ هذا ، أي ديوان الحفظة كتابنا الذي كتبوه بأمرنا ، وإضافة الكتاب الواحد إلى الشيئين للملابسة على الوجهين ، فوجه إضافته إلى الأمة أن أعمالهم مثبتة فيه ، ووجه إضافته إلى الله أنها مالكه والآمر لملائكته أن يكتبوا فيه أعمال عباده ، ومحل (يَنْطِقُ) حال من الكتاب ، أي يشهد (عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ) أي بالصدق من غير نقص وزيادة ، يعني أنتم تقرؤنه فيذكركم ما عملتم في الدنيا فكأنه ينطق عليكم (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [٢٩] أي نثبت فيه نسخة أعمالكم التي كنتم تعملونها في الدنيا لا نهمل شيئا منها خيرا أو شرا.
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (٣٠) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (٣١))
(فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ) أي في جنته (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) [٣٠] أي النجاة الظاهرة.
(وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) جوابه فيقال لهم تهديدا (أَفَلَمْ تَكُنْ) أي ألم يأتكم رسلي فلم تكن (آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ) في الدنيا بالإنذار على لسان رسلي (فَاسْتَكْبَرْتُمْ) عن الإيمان (وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ) [٣١] أي كافرين بالرسل وبما جاؤكم به.
(وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٣٣))
(وَإِذا قِيلَ) أي إذا قال لكم رسلنا في الدنيا (إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ) أي واقع لا خلف فيه (وَالسَّاعَةُ) بالرفع
__________________
(١) ونموت ، وي : ونميت ، ح.
(٢) وتكذيبهم ، ح : وتكذيب ، وي.