خاسِرِينَ (١٨))
(أُولئِكَ) أي أهل هذه الصفة (الَّذِينَ حَقَّ) أي وجب (١)(عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) منه تعالى بتعذيبهم (فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ) أي (٢) في عداد أمم قد مضت (مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ) كفار (الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ) [١٨] في الآخرة بالعقوبة ، وما قيل : من أن الآية في شأن عبد الرحمن ابن أبي بكر فاسد (٣) ، لأنه أسلم وحسن أرسلامه.
(وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (١٩))
(وَلِكُلٍّ) أي لكل واحد من جنس الكافر والمؤمن (دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا) أي منازل في الثواب والعقاب وذكر ال (دَرَجاتٌ) على سبيل التغليب لأنها تذكر في الثواب حقيقة والدركات للعقاب (وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمالَهُمْ) أي جزاء أعمالهم من الثواب والعقاب (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) [١٩](٤) شيئا من حقوقهم ، واللام في (لِيُوَفِّيَهُمْ) تعليل لفعل محذوف ، يدل عليه سياق الكلام ، أي وقدر جزاؤهم على مقادير أعمالهم بالدرجات والدركات أثابهم أو عاقبهم ليوفيهم أعمالهم.
(وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (٢٠))
قوله (وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ) نصب على الظرف بالقول المضمر قبل (أَذْهَبْتُمْ) أي يوم يكشف لهم الغطاء عن النار فينظرون إليها فيقول لهم الخزنة أخذهم (طَيِّباتِكُمْ) فلم يبق لكم شيء منها أكلتم ثواب حسناتهم (فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَاسْتَمْتَعْتُمْ) أي انتقمتم (بِها) في الدنيا (فَالْيَوْمَ) أي إذا كان كذلك فاليوم (تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) أي الهون وهو العذاب الشديد (بِما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) عن الإيمان (فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) أي ظلما (وَبِما كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ) [٢٠] أي تخرجون من أمر الله وتعصونه ، عن عمر رضي الله عنه : «لو شئت لكنت أطيبكم طعاما وأحسنكم لباسا ولكني أستبقي طيباتي» (٥).
(وَاذْكُرْ أَخا عادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (٢١))
(وَاذْكُرْ) لأهل مكة (أَخا عادٍ) وهو هود النبي عليهالسلام (إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقافِ) وهو موضع سمي به ، وقيل : جمع حقف بكسر الحاء وهو المستطيل من الرمل (٦) ، وقيل : «واد بمهرة بخضر موت وإليه ينسب المهرية» (٧)(وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ) أي مضت (مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ) أي قبل هود (وَمِنْ خَلْفِهِ) أي بعده فخوف قومه وهم بهذا المكان بقوله (أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللهَ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ) [٢١] يعني اذكر هودا ومن مضى من الأنبياء قبل هود ومن بعث منهم بعده كلهم مثله في الإنذار بهذا القول.
(قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (٢٢))
(قالُوا) لهود (أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا) أي لتصرفنا (عَنْ) عبادة (آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا) من العذاب (إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [٢٢] في نزول العذاب بنا.
(قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ (٢٣))
(قالَ) هود بجواب الاستعجال منهم بالعذاب (إِنَّمَا الْعِلْمُ) أي إنما (٨) علم مجيء العذاب (عِنْدَ اللهِ) لا
__________________
(١) أي وجب ، وي : ـ ح.
(٢) أي ، وي : ـ ح.
(٣) أخذ المصنف هذا القول عن الكشاف ، ٥ / ٢٥٤.
(٤) أي ، + ح.
(٥) انظر الكشاف ، ٥ / ٢٥٥.
(٦) نقل هذا الرأي عن البغوي ، ٥ / ١٤١ ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ٥ / ٢٥٥.
(٧) عن مقاتل ، انظر البغوي ، ٥ / ١٤١.
(٨) إنما ، ي : ـ ح و.