(إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى (٢٣))
(إِنْ هِيَ) أي ما الأصنام (إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها) أي سميتم بها (أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) آلهة تخرصا فلا حقيقة تحتها من نفع أو ضر (ما أَنْزَلَ اللهُ بِها) أي بتلك الأسماء (مِنْ سُلْطانٍ) أي حجة على تسميتهم (إِنْ) أي ما (يَتَّبِعُونَ) في عبادتها وتسميتها بها (إِلَّا الظَّنَّ) أي على غير يقين أنها آلهة (وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ) أي تتبعون ما تشتهي أنفسهم الجهولة من عبادتها وترك دين الله تعالى (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى) [٢٣] أي التوحيد على لسان الرسل بالكتاب.
(أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى (٢٤) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى (٢٥))
قوله (أَمْ لِلْإِنْسانِ) استفهام للإنكار ، أي للإنسان الكافر (ما تَمَنَّى) [٢٤] من شفاعة الأصنام له (فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى) [٢٥] يحكم فيهما ما يريد لا حاكم سواه فلا يكون له ما يتمناه.
(وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلاَّ مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى (٢٦))
قوله (١)(وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي) أي لا تنفع (شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً) إن شفعوا ، رد لقولهم إنهم يشفعون لنا ثم استثنى فقال (إِلَّا) أي لا يشفعون إلا (مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللهُ لِمَنْ يَشاءُ) أن يشفع له (وَيَرْضى) [٢٦] عنه وهو من كان معه التوحيد.
(إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى (٢٧))
قوله (إِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثى) [٢٧] أي باسم النبات ، فيه تنبيه للمؤمنين بالآخرة لئلا يقولوا مثل قولهم.
(وَما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً (٢٨))
(وَما لَهُمْ بِهِ) أي بذلك القول (مِنْ عِلْمٍ) أي يقين أو حجة عليه (إِنْ) أي ما (يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) [٢٨] أي لا ينفع ظنهم أن شفاعة الآلهة تدفع (٢) عنهم العذاب.
(فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَياةَ الدُّنْيا (٢٩))
(فَأَعْرِضْ) يا محمد (عمن (تَوَلَّى) أي عن إبلاغ من انصرف (عَنْ ذِكْرِنا) أي عن الإيمان بالقرآن والعمل به (وَلَمْ يُرِدْ) بعمله (٣)(إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا) [٢٩] أي منفعتها لا منفعة الدار الآخرة ، نسخ بآية السيف (٤).
(ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى (٣٠))
(ذلِكَ) أي إرادتهم الحيوة الدنيا (مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ) أي غاية وصول علمهم ولا يعلمون شيئا (٥) من أمر الآخرة لغفلتهم عنه (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) أي بمن ترك (٦) طريق الهداية (وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى) [٣٠] أي بمن تمسك بالتوحيد وسلك طريق الهداية.
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (٣١))
(وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) من الخلق فله الأمر فيهما (٧)(لِيَجْزِيَ) أي ليعاقب (الَّذِينَ أَساؤُا بِما
__________________
(١) قوله ، وي : ـ ح.
(٢) تدفع ، ي : يدفع ، ح و.
(٣) بعمله ، وي : بعلمه ، ح.
(٤) وهذا القول مأخوذ عن القرطبي ، ١٧ / ١٠٥ ؛ وانظر أيضا هبة الله بن سلامة ، ٨٧ ؛ وابن الجوزي ، ٥٥.
(٥) شيئا ، ح : ـ وي.
(٦) أي بمن ترك ، وي : أي عن ترك ، ح.
(٧) فيهما ، وي : فيها ، ح.