ثمارها المجتنية ، جمع قطف وهو ما يقطف من الثمار (تَذْلِيلاً) [١٤] أي تسخيرا ينالها القائم والقاعد والنائم.
(وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا (١٥) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً (١٦))
(وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ) أي كيزان مدورة الرأس لا عرى لها (كانَتْ قَوارِيرَا) [١٥] نصبه خبر «كان» ، وكرر تقريرا لصفائها بقوله (قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) بتنوينهما وتركه فيهما وبتنوين الأول وتركه وكذلك الثاني (١) ، أي تكونت الآنية بتكوين الله بقوله (كُنْ فَيَكُونُ)(٢) حقيقة القوارير أصلها من فضة تفخيما لتلك الخلقة العجيبة الشأن الجامعة بين صفتي الجوهرتين المتباينتين من صفاء القارورة وشفيفها وبياض الفضة وحسنها ، قوله (قَدَّرُوها تَقْدِيراً) [١٦] صفة ل (قَوارِيرَا) ، أي الذين يسقونهم جعلوها على قدر ري شاربيها بأمر ربهم فهو ألذ لهم وأخف عليهم أو قدر الشاربون في أنفسهم أن تكون تلك القوارير على مقادير وأشكال على حسب شهواتهم فجأت كما قدروا.
(وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً (١٧) عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً (١٨))
(وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلاً) [١٧] ليس فيه لذغة واحتراق ، قوله (٣)(عَيْناً) بدل من «زنجبيلا» ، أي هو عين (فِيها) أي في الجنة (تُسَمَّى سَلْسَبِيلاً) [١٨] لسهولة المساغ في الحلق ، يقال ماء سلسبيل إذا ذهب سريعا في الحلق لعذوبته.
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ إِذا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً (١٩))
(وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ) أي لا يموتون وعلى سن واحد لا يتغيرون كولدان الدنيا ثم وصفهم في الحسن وانتشارهم في الخدمة بقوله (إِذا رَأَيْتَهُمْ) في الجنة (حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً) [١٩] من سلكه على البساط.
(وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً (٢٠) عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً (٢١) إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (٢٢))
(وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ) أي إذا أوجدت الرؤية في الجنة (رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً) [٢٠] أي واسعا ، قيل : أدنى أهل الجنة منزلة من ينظر إلى ملكه مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه (٤)(عالِيَهُمْ) أي عليهم (ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ) يعني على أهل الجنة ثياب من هذين النوعين الشريفين ، قرئ «خضر» بالرفع صفة (ثِيابُ) ، وبالجر صفة (سُندُسٍ) ، وبرفع (إِسْتَبْرَقٌ) عطف على (ثِيابُ) ، وبالجر عطف على (خُضْرٌ) صفة (سُندُسٍ)(٥)(وَحُلُّوا) أي ألبسوا في الجنة (أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ) وفي موضع آخر قال (مِنْ ذَهَبٍ)(٦) إيذانا بأنهم يحلون من الجنسين معا ومفترقا (وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً) [٢١] أي طاهرا من الأيدي الوسخة أو لا يصير بولا ولكن يصير رشحا يخرج من أبدانهم ريحه أطيب من ريح المسك ، ويقال لهم ثمه (إِنَّ هذا) النعيم (كانَ لَكُمْ جَزاءً) أي ثوابا لأعمالكم (وَكانَ سَعْيُكُمْ) أي عملكم في الدنيا (مَشْكُوراً) [٢٢] أي مقبولا مرضيا ، قيل :
__________________
(١) «قواريرا ، قوارير» : قرأ المدنيان وشعبة والكسائي بالتنوين فيهما وبابداله ألفا وقفا ، وقرأ ابن كثير وخلف في اختياره بالتنوين في الأول وبتركه في الثاني ووقفا على الأول بالألف وعلى الثاني بحذفها مع إسكان الراء ، وأبو عمرو وابن عامر وروح وحفص بترك التنوين فيهما ووقفوا على الأول بالألف وعلى الثاني بحذفها مع إسكان الراء إلا هشاما فوقف على الثاني بالألف أيضا ، وقرأ حمزة ورويس بترك التنوين فيهما وإذا وقفا حذفا الألف فيهما مع إسكان الراء. البدور الزاهرة ، ٣٣٢ ـ ٣٣٣.
(٢) البقرة (٢) ، ١١٧ ؛ ال عمران (٣) ، ٤٧ ، ٥٩ ؛ الأنعام (٦) ، ٧٣ ؛ النحل (١٦) ، ٤٠ ؛ مريم (١٩) ، ٣٥ ؛ يس (٣٦) ، ٨٢ ؛ المؤمن (٤٠) ، ٦٨.
(٣) قوله ، وي : ـ ح.
(٤) نقله المصنف عن الكشاف ، ٦ / ١٩٣.
(٥) «خضر وإستبرق» : قرأ نافع وحفص برفع الراء والقاف ، وابن كثير وشعبة بخفض الأول ورفع الثاني ، وأبو جعفر والبصريان والشامي برفع الأول وخفض الثاني ، والأخوان وخلف بخفضهما. البدور الزاهرة ، ٣٣٣.
(٦) الكهف (١٨) ، ٣١ ؛ الحج (٢٢) ، ٢٣ ؛ فاطر (٣٥) ، ٣٣ ؛ الزخرف (٤٣) ٥٣.