(وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) [٥٥] اتيانه لشدة غفلتكم عنه لاشتغالكم بأمور دنياكم وعدم إيمانكم بالآخرة.
(أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦))
قوله (أَنْ تَقُولَ) يجوز أن يكون بدلا من (أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ) ، ويجوز أن يكون مفعولا له لفعل مقدر ، أي أنذرناكم كراهة أن تقول (نَفْسٌ) بالتنكير لأن المراد بها بعض الأنفس وهي نفس الكافر (يا حَسْرَتى) أي يا حسرتي قلبت ياء المتكلم ألفا لمد الصوت ، يعني يا ندامتي (عَلى ما فَرَّطْتُ) أي قصرت (فِي جَنْبِ)(١) طاعة (اللهِ وَإِنْ كُنْتُ) أي وإني كنت (لَمِنَ السَّاخِرِينَ) [٥٦] بالأنبياء أو بالعلماء ، يعني فرطت في حال سخريتي بهم.
(أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧))
(أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي) بالوحي أو بالمغفرة أو بالطاعة لأفرق بين الحق والباطل (لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [٥٧] أي من الموحدين العاملين بالتقوى.
(أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (٥٩))
(أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ) عيانا في القيامة (لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً) أي رجعة إلى الدنيا (فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [٥٨] أي من (٢) الموحدين المخلصين ويحمله تحيره وندامته على هذا القول حين لا ينفعه ، قوله (بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي) رد عليه يوم القيامة ، قوله (لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي) بمعنى ما هداني ولذلك جاء ب (بَلى) في الرد ، لأنه لا يستعمل جوابا إلا للمنفي (٣) قبله ، أي بلى قد جاءتك آيات القرآن التي هي سبب الهداية لا يقال إن (بَلى) جواب لقول (لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي) فلم لم يقرن (٤) بما هو جواب له لأنا نقول الصواب أن يحكي أقوال النفس على نظمها وترتيبها ، ثم يجاب من بيتها عما اقتضى الجواب ، أي بلى هديته (فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) [٥٩] بها.
(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠))
(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ) بنسبة الولد والشريك إليه ، قوله (٥)(وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) جملة اسمية في موضع الحال ، لأن الرؤية في (تَرَى) بالعين لا بالقلب وكان سواد الوجه حقيقة فيهم ، ولو كانت بالقلب لكان سواد الوجه كناية عن الفضاحة والخجالة فيهم ، فيكون الجملة مفعولا ثانيا ل «تَرَى» (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً) أي مقام (لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [٦٠] عن الإيمان.
(وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦١))
(وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا) من الشرك (بِمَفازَتِهِمْ) أي بمكان الجنة من جهنم أو بفوزهم وفلاحهم أو بأعمالهم الحسنة (لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ) أي العذاب (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [٦١] في الآخرة ، الجملة حال أو تفسير لل «مفازة» فلا محل له من الإعراب.
(اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢))
(اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) أي خالق الأشياء كلها (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [٦٢] أي حفيظ يحفظ أحوال الأشياء كلها فلا يخفى عليه شيء من أعمال المكلفين منها وما يستحقون عليها من الجزاء.
(لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (٦٣))
(لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي مفاتيحهما جمع مقليد وهو المفتاح ، ومفاتيح السموات المطر بأنواعه ومفاتيح الأرض النبات بأنواعه ، وقيل : مفاتيحهما الكلمات التي يوحد بها ويمجد ويفتح بها خير السموات
__________________
(١) في ، + ح.
(٢) من ، ح : ـ وي.
(٣) للمنفي ، وي : للنفي ، ح.
(٤) يقرن ، ح ي : تقرن ، و.
(٥) قوله ، وي : ـ ح.