بكسر الحاء جمع نحس اسم فاعل ، وقرئ بسكونها (١) مصدر نحس أو تخفيف نحس ، قوله (لِنُذِيقَهُمْ) يتعلق ب «أرسلنا» ، أي لنعذبهم (عَذابَ الْخِزْيِ) أي الذل (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ) أي عذابهم فيها (أَخْزى) أي أشد من عذابهم في الدنيا (وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ) [١٦] أي لا يمنعون من عذاب الله لا في الدنيا ولا في الآخرة.
(وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٧))
(وَأَمَّا ثَمُودُ) أي قومه (فَهَدَيْناهُمْ) أي بيناهم طريقي الهدى والضلال (فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى) أي اختاروا الضلال (٢) وهو الكفر (عَلَى الْهُدى) وهو الإيمان (فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ) أي المهين المذل (بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) [١٧] من الكفر والمعاصي.
(وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (١٨))
(وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا) بصالح النبي عليهالسلام (وَكانُوا يَتَّقُونَ) [١٨] من عذابنا أو من عقر الناقة أو من الشرك.
(وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (١٩))
قوله (وَيَوْمَ يُحْشَرُ) بيان لأحوال الكفار يوم القيامة ، أي اذكر يوم يجمع (أَعْداءُ اللهِ) وهم المشركون والمنافقون (إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) [١٩] أي يجمعون بحبس أولهم ليلحق بهم آخرهم ، من وزع الشيء إذا كفه (٣).
(حَتَّى إِذا ما جاؤُها شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٠))
(حَتَّى إِذا ما جاؤُها) «ما» زائدة ، أي إذا جاؤا النار (شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ) أي آذاهم بما سمعت (وَأَبْصارُهُمْ) بما نظرت (وَجُلُودُهُمْ) أي جوارحهم (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) [٢٠] أي بجميع ما عملوا في الدنيا ، وذلك حين قال لهم الخزنة إذا عاينوا النار أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون أنهم شركاء الله؟ فقالوا عند ذلك والله ما كنا مشركين فيختم على أفواههم وتستنطق (٤) جوارحهم.
(وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا قالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١))
(وَقالُوا) أي الكفار (لِجُلُودِهِمْ) أي لجوارحهم توبيخا (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا) فعنكن نناضل ، يعني ندافع (قالُوا) أي الجلود معتذرين (٥)(أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) ذي نطق (وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ) أي في الدنيا (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [٢١] أي رجعتم في الآخرة فليس إنطاقنا بعجب من قدرة الله الذي قدر على خلقكم أول مرة وعلى إعادتكم ورجعكم إلى جزائه وعلى إنطاق كل شيء من الحيوان كما أراد به.
(وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢))
(وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ) أي ولم تكونوا تمتنعون بالحجب عند ارتكاب الفواحش في الدنيا (أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ) أي مخافة شهادة جوارحكم عليكم في الآخرة ، لأنكم ما أبقيتم بالبعث (وَلكِنْ ظَنَنْتُمْ) عند استتاركم بالحجب والحيطان (أَنَّ اللهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ) [٢٢] من الخفيات من قبائح
__________________
(١) «نحسات» : أسكن السين نافع وابن كثير والبصريان ، وكسرها غيرهم. البدور الزاهرة ، ٢٨٣.
(٢) الضلال ، وي : الضلالة ، ح.
(٣) كفه ، وي : كفهم ، ح.
(٤) تستنطق ، ح : يستنطق ، وي.
(٥) معتذرين ، وي : متعذرين ، ح.