أعمالكم.
(وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ (٢٣))
(وَذلِكُمْ) أي ذلك الظن (ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ) أي أهلككم ، لأنه سوء الظن لا حسنه ، قال صلىاللهعليهوسلم حاكيا عن الله تعالى : «أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء» (١) ، قيل : «إن المؤمن أحسن الظن بالله فأحسن العمل وإن المنافق أساء الظن فأساء العلم» (٢)(فَأَصْبَحْتُمْ) أي صرتم (مِنَ الْخاسِرِينَ) [٢٣] أي المغبونين.
(فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (٢٤))
قوله (فَإِنْ يَصْبِرُوا) جواب لقول بعضهم (٣) بعضا عند دعوة الرسول إياهم إلى التوحيد اصبروا على آلهتكم ، يعني إن يصبروا على ذلك (فَالنَّارُ مَثْوىً) أي مأوى (لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا) أي إن يطلبوا العتبى ، يعني الرجوع عن الإساءة وطلب الرضا يوم القيامة أو (٤) الرجوع إلى (٥) الدنيا لإصلاح العمل (فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ) [٢٤] أي المجابين إلى الرجوع.
(وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ (٢٥))
(وَقَيَّضْنا لَهُمْ) أي لما صمموا على الكفر في الدنيا خذلناهم وسلطنا عليهم (قُرَناءَ) أي الشياطين وألزمناهم (فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ) أي رغبوهم إلى الدنيا واتباع الشيطان (وَ) زينوا (ما خَلْفَهُمْ) من أمر الآخرة بقولهم لا بعث ولا حساب كما كان آباؤهم عليه (وَحَقَّ) أي وجب (عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) بالعذاب وهو (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ)(٦) ، قوله (فِي أُمَمٍ) حال ، أي وجب العذاب عليهم كائنين في جملة أمم (قَدْ خَلَتْ) أي مضت بالهلاك (مِنْ قَبْلِهِمْ) أي من (٧) قبل مشركي مكة (مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ) أي جميعهم (كانُوا خاسِرِينَ) [٢٥] بالعقوبة الأبدية.
(وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (٢٦) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٧))
قوله (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا) نزل في أبي جهل وأصحابه (٨) ، أي قال الكافرون (لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ) أي لا تنصتوا إلى قراءته إذا تلا محمد عليهالسلام (٩) وأصحابه القرآن (وَالْغَوْا فِيهِ) أي عارضوا (١٠) باللغو وهو كلام لا يفهم ، يعني أكثروا الصياح بالهذيان وارفعوا الأصوات بالأشعار (لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) [٢٦] محمدا على قراءته فيسكت ، فقال تعالى (فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذاباً شَدِيداً) هو القتل ببدر وعذاب النار في الآخرة (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) [٢٧] أي أقبح جزاء أعمالهم.
(ذلِكَ جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ النَّارُ لَهُمْ فِيها دارُ الْخُلْدِ جَزاءً بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٢٨))
(ذلِكَ) أي العذاب الشديد (جَزاءُ أَعْداءِ اللهِ) قوله (النَّارُ) عطف بيان لل «جَزاءُ» (لَهُمْ فِيها) أي في النار (دارُ الْخُلْدِ) أي الإقامة ، ومعنى ظرفية النار ل (دارُ الْخُلْدِ) وهي دار الخلد أنها في نفسها دار الخلد كقوله تعالى (لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ)(١١) ، أي في نفس رسول الله بمعنى أنه صلىاللهعليهوسلم هو أسوة حسنة لا غير (جَزاءُ) أي يجزون جزاء (بِما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) [٢٨] أي بالقرآن ينكرون فيغلبون فيه.
__________________
(١) رواه الدارمي ، الرقاق ، ٢٢ ؛ وانظر أيضا السمرقندي ، ٣ / ١٨١.
(٢) عن الحسن ، انظر السمرقندي ، ٣ / ١٨١.
(٣) بعضهم ، ح و : بعض ، ي.
(٤) إلى ، + ي.
(٥) إلى ، وي : على ، ح.
(٦) هود (١١) ، ١١٩ ؛ السجدة (٣٢) ، ١٣.
(٧) من ، ي : ـ ح و.
(٨) نقله المؤلف عن السمرقندي ، ٣ / ١٨٢.
(٩) عليهالسلام ، ح : ـ وي.
(١٠) عارضوا ، ح ي : عارضوه ، و.
(١١) الأحزاب (٣٣) ، ٢١.