البسط أكثر (١)(وَلكِنْ يُنَزِّلُ) من أرزاقهم (بِقَدَرٍ) أي بتقدير (ما يَشاءُ) مصلحة (إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ) أي عالم بصلاح كل واحد منهم (بَصِيرٌ) [٢٧] بعمله من الصلاح والفساد فيفقر ويغني ويبسط ويقبض بالحكة.
(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ (٢٨))
(وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ) أي المطر (مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا) أي يئسوا منه (وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ) أي مطره على أي بلد أراد أن ينشره (وَهُوَ الْوَلِيُّ) أي مولى المطر ومتصرفه (الْحَمِيدُ) [٢٨] أي المحمود في صنعه لا قبح فيه ، لأنه بالحكمة.
(وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ (٢٩) وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ (٣٠))
(وَمِنْ آياتِهِ) أي ومن علامات وحدانيته (خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَ) خلق (ما بَثَّ) أي نشر (فِيهِما مِنْ دابَّةٍ) أي مما يتحرك على وجه الأرض من الحيوانات وقال فيهما وإن كان في أحدهما ، لأنه من قبيل نسبة الشيء إلى جميع المذكور وإن كان ملتبسا ببعضه كما قال : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ) ، أي (٢) من أحدهما (وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ) أي الله (٣) على إحيائهم (إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) [٢٩](وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ) أي من مرض وشدة وهلاك وتلف في أنفسكم وأموالكم (فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) من الذنوب بالفاء وبتركها (٤) ، قيل : هذا يختص بالمذنبين وأما غيرهم كالأنبياء والأطفال والمجانين إلا أصابهم شيء من ألم أو غيره فلرفع درجاتهم ولمصالحهم (٥)(وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) [٣٠] أي ما عفا الله عنه فهو كثير ، روي : «أنه ما تعلم رجل القرآن ثم نسيه إلا بذنب وهو أعظم المصائب» (٦).
(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (٣١))
(وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ) أي بفائتين (فِي الْأَرْضِ) من عذاب الله حتى يجزيكم به (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) أي عذابه (مِنْ وَلِيٍّ) أي صديق يشفع (وَلا نَصِيرٍ) [٣١] أي مانع يمنع من عذابه تعالى.
(وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (٣٢))
(وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ) بالياء وبغيره (٧) ، أي السفن الجارية (فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) [٣٢] أي كالجبال الرواسي.
(إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣٣))
(إِنْ يَشَأْ) الله (يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ) أي يصرن (رَواكِدَ) أي ثوابت وسواكن (عَلى ظَهْرِهِ) أي على ظهر الماء في البحر (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) أي لعلامات لوحداينته (لِكُلِّ صَبَّارٍ) يصبر على طاعة الله (شَكُورٍ) [٣٣] لنعمه.
(أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ (٣٤))
قوله (أَوْ يُوبِقْهُنَّ) عطف على جواب الشرط وهو (يُسْكِنِ) ، أي إن يشأ الله يهلكهن ، أي السفن بالإغراق (بِما كَسَبُوا) أي بسبب كسبهم من الشرك والمعاصي (وَيَعْفُ) عطف على (يُوبِقْهُنَّ) ، أي يتجاوز (عَنْ كَثِيرٍ) [٣٤] فلا يجازيهم ، ومعنى إدخال العفو في حكم الإيباق بالجزم أنه إن شاء يهلك ناسا بذنوبهم وينج ناسا على طريق العفو عنهم.
__________________
(١) أخذه المفسر عن الكشاف ، ٥ / ٢١٣.
(٢) و ، + ي.
(٣) الله ، وي : ـ ح.
(٤) «فبما» : قرأ المدنيان والشامي بغير فاء قبل الباء ، والباقون بالفاء. البدور الزاهرة ، ٢٨٧.
(٥) أخذ المؤلف هذا المعنى عن الكشاف ، ٥ / ٢١٣ ـ ٢١٤.
(٦) ذكر الضحاك نحوه ، انظر القرطبي ، ١٦ / ٣٠.
(٧) «الجوار» : أثبت الياء وصلا نافع وأبو عمرو وأبو جعفر وفي الحالين ابن كثير ويعقوب ، وحذفها الباقون مطلقا. البدور الزاهرة ، ٢٨٧.