قال : فقال قائل من الأنصار ، أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب ، منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش! قال : فكثر اللفظ وارتفعت الأصوات حتى تخوفت الاختلاف فقلت : ابسط يدك يا أبا بكر! فبسط يده فبايعته ثم بايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار ، ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم : قتلتم سعد بن عبادة! قال : فقلت : قتل الله سعد بن عبادة! » (١).
وقال أحمد بن اسحق بن جعفر المعروف باليعقوبي : « واستأذن قوم من قريش عمر في الخروج للجهاد ، فقال : قد تقدم لكم مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال : اني آخذ بحلاقيم قريش على أفواه هذه الحرة ، لا تخرجوا فتسللوا بالناس يمينا وشمالا ، قال عبد الرحمن بن عوف : فقلت : نعم يا أمير المؤمنين! ولم تمنعنا من الجهاد؟ فقال : لئن أسكت عنك فلا أجيبك خير لك من أن أجيبك ، ثم اندفع يحدث عن أبي بكر حتى قال : كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها فمن عاد بمثلها فاقتلوه » (٢).
وقال محمد بن جرير الطبري : « حدثني علي بن مسلم ، قال : ثنا : عباد ابن عباد ، قال : ثنا : عباد بن راشد قال : حدثنا عن الزهري عن عبيد الله بن [ عبد الله بن ] عتبة عن ابن عباس ، قال : كنت أقرئ عبد الرحمن ابن عوف القرآن ، قال : فحج عمر وحججنا معه ، قال : فاني لفي منزل بمنى إذ جاءني عبد الرحمن بن عوف ، فقال : شهدت أمير المؤمنين اليوم وقام اليه رجل فقال : اني سمعت فلانا يقول : لو قد مات أمير المؤمنين لقد بايعت فلانا ، قال : فقال أمير المؤمنين : اني لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوا الناس أمرهم ، قال فقلت : يا أمير المؤمنين ان الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم وانهم الذين يغلبون على مجلسك واني لخائف ان قلت اليوم مقالة ألا يعوها ولا يحفظوها ولا يضعوها على مواضعها ،
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٢ / ٦٥٨.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٤٧ ـ ١٤٨.