ويدفعه ما تقدم في دفع دعواه أن ذلك معنى لا تفسير.
قال : « ولم يذكروه في الكتب الأصلية ».
ويدفعه : تصريح ابن الأنباري ومحمد بن أبي بكر الرازي بكون « الأولى بالشيء » من جملة معاني « المولى ». بل ورود تفسيره بهذا المعنى في ( الصحاح للجوهري ) وهو من الكتب الأصلية في اللغة بلا ريب.
وأمّا قوله : « ألا تراهم يفسرون اليمين بالقوة ... » فيفيد جواز استعمال « المولى » بمعنى « الأولى » مثل استعمال « اليمين » بمعنى « القوة » و « القلب » بمعنى « العقل ».
ثم قال الرازي : ما نصه : « وثانيها : ـ إن أصل تركيب ( ول ي ) يدل على معنى القرب والدنو ، يقال : وليته وأليه واليا ، أي دنوت منه ، وأوليته إياه : أدنيته ، وتباعدنا بعد ولي. ومنه قول علقمة :
وعدت عواد دون وليك تشعب.
وكل مما يليك ، وجلست مما يليه ، ومنه : الولي وهو المطر الذي يلي الوسمي ، والولية : البرذعة لأنها تلي ظهر الدابة ، وولي اليتيم والقتيل وولي البلد ، لأن من تولّى الأمر فقد قرب منه. ومنه قوله تعالى : ( فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) من قولهم : ولاه ركبته ، أي جعلها مما يليه. وأما ولىّ عني إذا أدبر فهو من باب ما يثقل الحشو فيه للسلب ، وقولهم : فلان أولى من فلان أي أحق ، أفعل التفضيل من الوالي أو الولي كالأدنى والأقرب من الداني والقريب ، وفيه معنى القرب أيضا ، لأن من كان أحق بالشيء كان أقرب إليه ، والمولى اسم لموضع الولي ، كالمرمى والمبنى لموضع الرمي والبناء ».
أقول : هذه المقدمة لا علاقة لها بمطلوب الرازي الذي هو نفي مجيء « المولى » بمعنى « الأولى » أصلا ، لأن حاصل هذا الكلام هو كون أصلا تركيب « ولي » دالا على معنى القرب ، وكون « المولى » اسما لموضع الولي ، وهذان الأمران لا دلالة فيهما على نفي مجيء « المولى » بمعنى « الأولى » أبدا ، وإلاّ لزم أن لا يكون