واضح ، فإن ( أبا زيد ) من أضرابه ومعاصريه ـ بل ذكر المترجمون له تقدّمه على الخليل كما تقدم ـ قد ذكر ذلك ، كما اعترف به الخصوم حتى ( الدهلوي ) ، وفسر ( أبو عبيدة ) لفظة « المولى » بـ « الأولى » كما اعترف به الجماعة حتى الرازي نفسه ، و ( أبو عبيدة ) من أضراب الخليل ومعاصريه ، بل أفضل منه كما علم من تراجمه ، وكذلك ( الفراء ) من معاصريه وقد فسّر « المولى » بـ « الأولى ».
فثبت كذب الرازي في هذه الدعوى.
السادس : لقد فسر محمد بن السائب الكلبي « المولى » بـ « الأولى » ، وقد توفي الكلبي سنة (١٤٦) فهو متقدم على الخليل المتوفى سنة (١٧٥) وقيل (١٧٠) وقيل (١٦٠) كما ذكر السيوطي (١).
السابع : لقد علمت مما تقدم أن جماعة كبيرة من مشاهير الأئمة الأساطين ـ غير من ذكرنا ـ قد أثبتوا مجيء « المولى » بمعنى « الأولى » ، واستشهدوا لذلك بشعر لبيد ، فعدم ذكر الخليل ذلك ـ إن ثبت ـ لا يليق للاحتجاج بعد إثبات هؤلاء الأثبات للمعنى المذكور.
الثامن : لقد علمت سابقا أن البخاري ذكر للمولى خمسة معان ، فقال ابن حجر وغيره بأن أهل اللغة يذكرون له معان أخرى غيرها. فمن هنا يظهر أن عدم ذكر البخاري لتلك المعاني لا ينفي ثبوتها ، فكذلك عدم ذكر الخليل « الأولى » ضمن معاني « المولى » ـ على تقدير تسليم ذلك ـ غير قادح في ثبوته ، لأن غيره من الأئمة قد ذكروه.
ثم قال الرازي : « والأكثرون لم يذكروه إلاّ في تفسير هذه الآية أو آية أخرى ».
وهذا الكلام فيه كفاية لأهل الدراية.
قال : « مرسلا غير مسند ».
__________________
(١) بغية الوعاة ١ / ٥٦٠.