الأول : لقد نسي الرازي أو تناسى إصراره على لزوم التساوي بين المترادفين في جميع الاستعمالات ، فإنه بناء على ذلك لا يبقى مورد لهذه الشبهة ، لأنه إذا كان « المولى » بمعنى « الأولى » جاز استعمال كل منهما مكان الآخر ، فإذا وقع « الأولى » خبرا لمبتدأ كان المذكر والمؤنث فيه على حد سواء فكذلك « المولى » الذي بمعناه يستوي فيه المذكر والمؤنث في صورة وقوعه خبرا ، فالشبهة مندفعة بناء على ما ذهب إليه وألحّ عليه.
الثاني : دعوى اختصاص استواء التذكير والتأنيث باسم التفضيل كذب صريح وغلط محض ، لثبوت الاستواء المذكور في مواضع أخر ، قال ابن هشام :
« الغالب في « التاء » أن تكون لفصل صفة المؤنث من صفة المذكر كقائمة وقائم ، ولا تدخل هذه التاء في خمسة أوزان ، أحدها : فعول ، كرجل صبور بمعنى صابر وامرأة صبور بمعنى صابرة ، ومنه : ( وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا ) والثاني : فعيل بمعنى مفعول ، نحو رجل جريح وامرأة جريح. والثالث : مفعال كمنحار ، يقال رجل منحار وامرأة منحار ، وشذ ميقانة. والرابع : مفعيل كمعطير ، وشذ امرأة مسكينة ، وسمع امرأة مسكين. والخامس : مفعل كمغشم ومدعى » (١).
الثالث : إنّ تذكير المؤنث بحمل أحدهما على الآخر شائع في الاستعمال كتأنيث المذكر ، قال السيوطي : « الحمل على المعنى. قال في الخصائص : اعلم أن هذا الشرح غور من العربية بعيد ومذهب نازح فسيح. وقد ورد به القرآن وفصيح الكلام منثورا ومنظوما ، كتأنيث المذكر وتذكير المؤنث ، وتصور معنى الواحد في الجماعة والجماعة في الواحد ، وفي حمل الثاني على لفظ قد يكون عليه الأول ، أصلا كان ذلك اللفظ أو فرعا وغير ذلك ، فمن تذكير المؤنث قوله تعالى : ( فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي ) أي هذا الشخص ( فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ ) لأن الموعظة والوعظ واحد. ( إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ) أراد
__________________
(١) التوضيح في شرح الألفية بشرح الأزهري ٢ / ٢٨٦ ـ ٢٨٧.