وهو على نسق تاريخ بغداد ، قال لي شيخنا الحافظ العلامة أبو محمد عبد العظيم المنذري حافظ مصر أدام الله به النفع ـ وقد جرى ذكر هذا التاريخ وأخرج لي منه مجلّدا وطال الحديث في أمره واستعظامه ـ ما أظن هذا الرجل إلاّ عزم على وضع هذا التاريخ من يوم عقل على نفسه ، وشرع في الجمع من ذلك الوقت ، وإلاّ فالعمر يقصر عن أن يجمع الإنسان فيه مثل هذا الكتاب بعد الاشتغال والتنبّه. قال ـ ولقد قال الحق ـ من وقف عليه عرف حقيقة هذا القول ، ومتى يتسع للإنسان الوقت حتى يضع مثله ، وهذا الذي ظهر هو الذي اختاره وما صح له هذا إلاّ بعد مسودات ما كاد ينضبط حصرها.
وله غيره تواليف حسنة وأجزاء ممتعة ... » (١).
٣ ـ الذهبي : « ابن عساكر الامام الحافظ الكبير محدّث الشام فخر الأئمة ثقة الدين ... قال السمعاني : أبو القاسم حافظ ثقة متقن ديّن خيّر حسن السمت ، جمع بين معرفة المتن والاسناد ، وكان كثير العلم غزير الفضل ، صحيح القراءة ، متثبّتا ، رحل وتعب وبالغ في الطلب ، وجمع ما لم يجمعه غيره ، وأربى على الأقران ... وقال المحدث بهاء الدين القاسم : كان أبي رحمهالله مواظبا على الجماعة والتلاوة ، يختم كلّ ليلة ختمة [ يختم كل جمعة ] ، ويختم في رمضان كلّ يوم ، ويعتكف في المنارة الشرقية ، وكان كثير النوافل والأذكار ، ويحيي ليلة العيدين بالصلاة والذكر ، وكان يحاسب نفسه على لحظة تذهب ...
قال سعد الخير : ما رأيت في سنن [ سن ] ابن عساكر مثله.
قال القاسم ابن عساكر سمعت التاج المسعودي يقول سمعت أبا العلاء الهمداني يقول لرجل استأذنه في الرحلة [ قال ] : إن عرفت أحدا أفضل مني فحينئذ آذن لك أن تسافر إليه ، إلاّ أن تسافر إلى ابن عساكر فإنه حافظ كما يجب.
وحدثني أبو المواهب بن صصري قال : لما دخلت همدان قال لي الحافظ : أنا
__________________
(١) وفيات الأعيان ١ / ٣٣٥.