يفضّله على جميع من لقيناهم ، قدم أصبهان ونزل في داري ، وما رأيت شابا أودع ولا أحفظ ولا أتقن منه ، وكان مع ذلك فقيها أديبا سنّيا ، جزاه الله خيرا وكثّر في الإسلام مثله ، وإني كثيرا سألته عن تأخره عن المجيء إلى أصبهان فقال : لم تأذن لي أمّي.
قال القاسم : توفي أبي في حادي عشر رجب سنة ٥٧١. ورئي له منامات حسنة ، ورثي بقصائد ، وقبره يزار بباب الصغير » (١).
٤ ـ الذهبي أيضا : « فيها توفي الحافظ ابن عساكر صاحب التاريخ الثمانين مجلّدا ... ساد أهل زمانه في الحديث ورجاله ، وبلغ في ذلك الذروة العليا ، ومن تصفّح تاريخه علم منزلة الرجل في الحفظ. توفي في حادي عشر رجب » (٢).
٥ ـ اليافعي : « وفيها : الفقيه الامام ، المحدث البارع ، الحافظ المتقن الضابط ذو العلم الراسخ ، شيخ الإسلام ، ومحدّث الشام ، ناصر السنّة ، وقامع البدعة زين الحفّاظ وبحر العلوم الزاخر ، رئيس المحدّثين المقر له بالتقدم ، العارف الماهر ، ثقة الدين ، أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر ، الذي اشتهر في زمانه بعلو شانه ، ولم ير مثله في أقرانه ، الجامع بين المعقول والمنقول ، والمميز بين الصحيح والمعلول.
كان محدّث زمانه ، ومن أعيان الفقهاء الشافعية ، غلب عليه الحديث واشتهر به ، وبالغ في طلبه إلى أن جمع منه ما لم يتفق لغيره ، رحل وطوّف وجاب البلاد ، ولقي المشايخ ، وكان رفيق الحافظ أبي سعد عبد الكريم بن السمعاني في الرحلة.
وكان أبو القاسم المذكور حافظا دينا ، جمع بين معرفة المتون والأسانيد ... ـ وصنف التصانيف المفيدة ، وخرّج التخاريج ، وكان حسن الكلام على الأحاديث
__________________
(١) تذكرة الحفاظ ٤ / ١٣٢٨ ـ ١٣٣٣.
(٢) العبر حوادث ٥٧١.