وقالت عائشة : سهر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات ليلة فقلت : يا رسول الله ما شأنك؟ قال : ألا رجل صالح يحرسني الليلة؟! قالت : فبينا نحن في ذلك إذ سمعت صوت السلاح ، فقال من هذا؟ قال : سعيد وحذيفة جئنا نحرسك. فنام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى سمعت غطيطه ، فنزلت هذه الآية ، فأخرج رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأسه من قبة أدم فقال : انصرفوا أيّها الناس ، فقد عصمني الله.
وعن ابن عباس : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحرس ، فكان يرسل معه أبو طالب كلّ يوم رجالا من بني هاشم يحرسونه ، حتى نزلت هذه الآية ، فأراد عمّه أن يرسل معه من يحرسونه فقال : يا عمّاه إن الله تعالى قد عصمني من الجنّ والإنس » (١).
أقول : نلمس من هذه العبارة أن النيسابوري يرى أن سبب نزول الآية هو واقعة يوم الغدير ، وأن القول بنزولها في فضل أمير المؤمنين عليهالسلام هو الصحيح من بين الأقوال ، ولذا قدّم هذا القول على سائر الأقوال ، مع عزوه إلى جماعة من الصحابة والامام الباقر عليهالسلام ، ونسب أكثر الأقوال الأخرى إلى القيل.
ويشهد بكون ذكر هذا القول مقدّما على غيره قرينة على اختيار النيسابوري له : أن رشيد الدين الدهلوي نقل عن النسفي كلاما في موضوع ، ثم نسب إليه إختيار الأول منهما ، لذكره إياه مقدّما على القول الآخر ، وهذا كلام رشيد الدين في ( إيضاح لطافة المقال ) :
« وقال العلامة أبو البركات عبد الله بن أحمد بن محمود النسفي صاحب كنز الدقائق ، في آخر كتاب الاعتماد في الاعتقاد : ثم قيل : لا يفضّل أحد بعد الصحابة إلاّ بالعلم والتقوى ، وقيل : فضل أولادهم على ترتيب فضل آبائهم ،
__________________
(١) تفسير النيسابوري ٦ / ١٢٩ ـ ١٣٠.