يتبين للناس الحلال والحرام إلى يوم القيامة ، وكان قبوله صعبا على الأقوام ، وليس ما ذكروه من الاحتمالات في لفظ « المولى » مما يظن فيه أمثال ذلك ، فليس المراد إلاّ خلافته عليهالسلام وإمامته ، إذ بها يبقى ما بلّغه صلىاللهعليهوآلهوسلم من أحكام الدين ، وبها ينتظم أمور المسلمين. وضغائن الناس لأمير المؤمنين عليهالسلام كان مظنة إثارة الفتن من المنافقين ، فلذا ضمن الله له العصمة من شرّهم » (١).
ثم إنه لمّا نزلت الآية المباركة على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأمر بتبليغ هذه الرسالة العظيمة مع ذلك التهديد ، ضاق النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بذلك ذرعا لأنه عرف أن الناس يكذّبونه. وذلك من جملة البراهين الواضحة على عظمة تلك الرسالة وصعوبة تقبّل بعض الصحابة إياها ، ولو كان من أمر بتبليغه من الأمور الفرعية السهلة ، أو كان مجرّد إيجاب محبّة أمير المؤمنين ومودّته لما ضاق بإبلاغه ذرعا ، ولما خاف تكذيب الناس إياه ، والحال أن جملة من روايات حديث الغدير تضمّنت هذه الجهات :
فعن كتاب ( مناقب علي بن أبي طالب عليهالسلام ) لابن مردويه بإسناده في شأن نزول آية التبليغ : « عن زيد بن علي قال : لمّا جاء جبرئيل عليهالسلام بأمر الولاية ضاق النبي صلّى الله عليه وسلّم بذلك ذرعا وقال : قومي حديثو عهد بجاهلية فنزلت ».
وعنه بإسناده « عن ابن عباس قال : لمّا أمر رسوله صلّى الله عليه وسلّم أن يقوم بعلي فيقول له ما قال ، فقال صلّى الله عليه وسلّم : يا رب إن قومي حديثو عهد بالجاهلية ، ثم مضى بحجّة ، فلما أقبل راجعا نزل بغدير خم أنزل الله عليه ( يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ) الآية. فأخذ بعضد علي ثم خرج إلى الناس. إلى آخر ما سيجيء فيما بعد إن شاء الله تعالى ».
__________________
(١) بحار الأنوار ٣٨ / ٢٤٩.