ترجمة المناوي
وترجم محمّد أمين بن فضل الله المحبي الدمشقي للمناوي ترجمة حافلة نلخصها فيما يلي بلفظه : « عبد الرءوف بن تاج العارفين ، الامام الكبير الحجة الثبت القدوة ، صاحب التصانيف السائرة ، وأجلّ أهل عصره من غير ارتياب ، وكان إماما فاضلا زاهدا عابدا ، قانتا لله خاشعا له ، كثير النفع ، وكان متقربا بحسن العمل ، مثابرا على التسبيح والأذكار ، صابرا صادقا ، وكان يقتصر يومه وليلته على أكلة واحدة من الطعام ، قد جمع من العلوم والمعارف على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها ما لم يجتمع في أحد ممن عاصره.
انقطع عن مخالطة الناس وانعزل في منزله ، وأقبل على التأليف ، فصنّف في غالب العلوم ، ثم ولى تدريس المدرسة الصالحية ، فحسده أهل عصره وكانوا لا يعرفون مزية علمه لانزوائه عنهم ، ولمّا حضر الدرس فيها ورد عليه من كل مذهب فضلاؤه منتقدين عليه ، فأذعنوا لفضله وصار أجلاء العلماء يبادرون لحضوره ، وأخذ عنه منهم خلق كثير منهم : الشيخ سليمان البابلي ، والسيد إبراهيم الطاشكندي ، والشيخ علي الأجهوري الولي المعتقد ، وأحمد الكلبي وولده الشيخ محمّد وغيرهم. وكان مع ذلك لم يخل من طاعن وحاسد حتى دسّ عليه السم ، فتوالى عليه بسبب ذاك نقص في أطرافه وبدنه من كثرة التداوي.
بالجملة ، فهو أعلم علماء هذا التاريخ آثارا ، ومؤلفاته غالبا متداولة كثيرة النفع ، وللناس عليها تهافت زائد ويتغالون في أثمانها ، وأشهرها شرحاه على الجامع الصغير وشرح السيرة المنظومة للعراقي.
وكانت ولادته في سنة ٩٥٢ وتوفي سنة ١٠٣١ » (١).
__________________
(١) خلاصة الأثر ٢ / ٤١٢.