اسما لمكان خاص بمكة الكريمة ، لم يبق عندك ريب في صحة ما جاء في الحديث المذكور ، وبطل ما أورده ابن تيمية من هذه الناحية ، إذ لا مانع من إطلاق هذا الاسم على بعض الأودية بالمدينة المنورة.
بل لقد كانت في هذه البلدة الطيبة مواضع تسمى بهذا الاسم ، فقد قال نور الدين السمهودي في كتاب ( خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى ) : في بقاعها وآطامها وبعض أعمالها وأعراضها وجبالها : « البطحاء ، يدفع فيها طرف عظم الشامي وما دبر من الصلصلين ، وتدفع هي من بين الجبلين في العقيق » (١) ...
فمن هذه العبارة يعلم أن هناك مكانا مسمى بهذا الاسم في المدينة المنورة وهو معروف به ، وقد علمت سابقا من عبارات اللغويين أن البطحاء والأبطح بمعنى واحد.
كما يتضح ذلك من كلام ابن الحاجب حيث قال : « والصفة نحو عطشي على عطاش ، ونحو حرما على حرامي ، ونحو بطحاء على بطاح » وقال الجاربردي بشرحه : « ثم ذكر الممدود كبطحاء وهي مسيل واسع فيه دقاق الحصى ومنه بطحاء مكة » (٢).
وقال السيوطي بشرح قول الفرزدق :
« تنح عن
البطحاء إنّ قديمها |
|
لنا والجبال
الراسيات القوارع » |
قال : « والبطحاء الموضع الواسع ، وأراد هنا ببطحاء : مكة » (٣).
فظهر أنه لا مانع من إطلاق « الأبطح » على « بطحاء المدينة المنورة ».
وقال السمهودي بعد أن نقل قول أبي عبيدة في بيان العقيق : « وقال غيره : أعلى أودية العقيق النقيع ، وصدور العقيق ما دفع في النقيع من قدس وما أقبل
__________________
(١) خلاصة الوفا بأخبار دار المصطفى : ٢٤٦.
(٢) شرح الشافعية ٩٠ ـ ٩١.
(٣) شرح شواهد مغني اللبيب ١ / ١٤.