وإن أبيت إلّا عن ظهورهما في الترجيح في كلا المقامين ، فلا مجال لتقييد إطلاقات التخيير في مثل زماننا مما لا يتمكن من لقاء الإمام عليهالسلام بهما ، لقصور المرفوعة سندا وقصور المقبولة دلالة ، لاختصاصها بزمان التمكن من لقائه عليهالسلام ، ولذا ما أرجع إلى التخيير بعد فقد الترجيح ، مع أن تقييد الإطلاقات الواردة في مقام
______________________________________________________
ولذا فرض الراوي تساوي الخبرين في الشهرة ب «رواهما الثقات عنكم» ولو كان المراد من الشهرة الشهرة الفتوائية في مقابل عمل الشاذ لا تتحقق الشهرة في كلّ من الخبرين.
والمتحصّل ممّا ذكرنا أنّ المستفاد من المقبولة أنّ الشهرة في الرواية مرجّح في تعارض الروايتين ، هذا بالإضافة إلى المقبولة.
وأمّا المرفوعة فمع الغض عن سندها فمدلولها مقطوع البطلان ، فهي إمّا لم تصدر عن الإمام عليهالسلام أو وقع الغلط في نقلها ، فإنّ الوارد فيها الترجيح بصفات الراوي من الأعدليّة والأوثقيّة بعد فرض الشهرة في كلتا الروايتين ، ومن الظاهر أنّه مع فرض الشهرة في الروايتين بحسب الرواية لا قيمة لكون راوي إحداهما أعدل بالإضافة إلى راوي الاخرى ، فإنّه لا يمكن فرض وحدة الراوي في ناحية كلّ منهما ليرى أنّ أحدهما أعدل من راوي الاخرى أو أوثق ، وفرض فيها تساوي الروايتين في كونهما موافقين للاحتياط أو مخالفين له ، وعدّ فيها كون الاحتياط من المرجّحات.
وقد تلخّص من جميع ما ذكرنا أنّ المقبولة على تقدير تمامية سندها لا تدلّ على الترجيح بصفات الراوي ، حيث إنّ الوارد فيها ترجيح أحد الحكمين أو الفتويين على الآخر في صورة الاختلاف في الحكم والفتوى بالأوثقيّة والأعدليّة والأفقهيّة ، وما ورد فيها من المرجّحات لأحد الخبرين على الآخر إنّما هو ملاحظة الشهرة في الرواية ثمّ ملاحظة موافقة الكتاب والسنة ومخالفة العامّة ، وليس في الالتزام في