الجواب عن سؤال حكم المتعارضين ـ بلا استفصال عن كونهما متعادلين أو متفاضلين ، مع ندرة كونهما متساويين جدا ـ بعيد قطعا ، بحيث لو لم يكن ظهور المقبولة في ذاك الاختصاص لوجب حملها عليه أو على ما لا ينافيها من الحمل على الاستحباب ، كما فعله بعض الأصحاب ، ويشهد به الاختلاف الكثير بين ما دل
______________________________________________________
الترجيح بها حمل إطلاقات التخيير على الفرد النادر ، مضافا إلى ما تقدّم من عدم الدليل على التخيير ، وليس فيها أيّ دلالة على الترجيح بكلّ مزية ، فإنّ المراد من قوله عليهالسلام : «فإن المجمع عليه لا ريب فيه» نفي الريب بالإضافة إلى الخبر الآخر من حيث الصدور لا من جهة اخرى ، وعلى تقدير التعدّي يتعدّى إلى ما يوجب نفي الريب من جهة الصدور.
ثمّ إنّه قد ورد في صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال : قال الصادق عليهالسلام : «إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فأعرضوهما على كتاب الله ، فما وافق كتاب الله فخذوه ، وما خالف كتاب الله فردّوه ، فإن لم تجدوهما في كتاب الله فاعرضوهما على أخبار العامّة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه» (١) ومقتضى الترتيب بين المرجّحين لزوم رعايته ، وبها يرفع اليد عن إطلاق ما ورد فيه الأخذ بما خالف العامّة مطلقا ، فيقيّد ملاحظة الترجيح به بعد رعاية موافقة الكتاب وعدمه.
نعم هذا إذا لم يظهر من القرينة الخارجيّة أنّ الموافق لهم صدر تقيّة ولو بملاحظة المورد ، وإلّا فلا يعتبر ملاحظة الترجيح بموافقة إطلاق الكتاب أو عمومه حتّى لو كان بين الخبر الموافق لهم والمخالف جمع عرفيّ ، كما ذكرنا ذلك فيما ذكر بعض من استحباب الوضوء عقيب خروج المذي حيث حملنا ما ورد في ناقضيّته
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١١٨ ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٩.