.................................................................................................
______________________________________________________
تقدّمه على العام إنّما هو بالإطلاق ، بخلاف دلالة الخاصّ المتأخّر ، فإنّ دلالته على ثبوت حكمه لأفراد الخاصّ وضعيّ ، وكذلك دلالة العامّ المتأخّر على ثبوت حكمه لأفراده ، ولازم تقديم الدلالة الوضعيّة على الإطلاق الالتزام بالنسخ ، وما قيل من كثرة التخصيص وقلّة النسخ فبمجرّده لا يوجب إلّا الظنّ بالتخصيص ، ولا اعتبار بالظنّ في رفع اليد عن الظهور ، بل لا بدّ من أن تكون ندرة النسخ بحيث يوجب قرينيّة الخاصّ على خلاف ظهور العامّ ، وأنّه لا ثبوت لمدلوله لكلّ من أفراده بحيث يعمّ أفراد الخاصّ ثبوتا.
وعن المحقّق النائيني قدسسره (١) : أنّ كلّ حكم مجعول لا يتكفّل خطابه لبيان استمراره وعدم نسخه ، وإذا احتمل نسخه فلا يتمسّك في بقائه إلّا بدليل آخر يدلّ على بقائه أو بالاستصحاب في ناحية عدم نسخه ، فيدور الأمر في المقام بين العمل بالاستصحاب وبين الأخذ بظاهر الخطاب المتأخّر ، ومع ظهوره لا تصل النوبة إلى استصحاب عدم النسخ في الخاصّ المتقدّم ، فيتعيّن الالتزام بكون العامّ المتأخّر ناسخا ، ولكنّ الصحيح في وجه الالتزام بالتخصيص ـ فيما إذا ورد خاصّ أوّلا ثمّ ورد العامّ متأخرا ـ أنّ استفادة العموم من خطاب العامّ موقوفة على جريان مقدّمات الحكمة في مدخول أداة العموم لإحراز المراد منه بحسبه ، ومع الخاص المتقدّم لا تتمّ مقدّماته في ناحية ذلك المدخول.
أقول : في كلا الأمرين ممّا ذكره قدسسره تأمّل بل منع ، فإنّ عدم جواز التمسّك بخطاب الحكم في موارد احتمال نسخه هو ما إذا أمكن النسخ فيه حقيقة كما في
__________________
(١) فوائد الاصول ٤ : ٧٣٩ ـ ٧٤٠.