ولا يخفى أنّ دلالة الخاص أو العام على الاستمرار والدوام إنما هو بالإطلاق لا بالوضع ، فعلى الوجه العقلي في تقديم التقييد على التخصيص كان اللازم في هذا الدوران تقديم النسخ على التخصيص أيضا ، وإنّ غلبة التخصيص إنما توجب
______________________________________________________
الأحكام من الموالي العرفيّة ، وأمّا الأحكام الشرعيّة حيث يمتنع النسخ فيها بمعناه الحقيقي ، بل يكون النسخ فيها بمعنى تقييد الحكم إلى زمان ، فيدور الأمر فيه بين إطلاق الحكم من حيث الأزمنة وبين تقييده إلى زمان ، ومع عدم ثبوت الدليل على التقييد يتمسّك بإطلاق خطاب الحكم من حيث الأزمنة ، ولذا ذكرنا عدم الحاجة في إثبات بقاء الأحكام المجعولة في الشريعة إلى التمسّك بقولهم عليهمالسلام : «حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام أبدا إلى يوم القيامة» (١) كما ورد ذلك في صحيحة زرارة المروية في الجزء الأوّل من «اصول الكافي» في باب البدع والرأي والمقاييس ، ولا لاستصحاب بقاء الأحكام الشرعية وعدم نسخها ، بل يتمسّك بنفس الخطابات المتكفّلة للأحكام الشرعيّة في الوقائع.
وأمّا ما ذكره من أن التمسّك بالعام الوضعيّ متفرّع على جريان مقدمات الحكمة في مدخول أداة العموم ، فقد تقدّم (٢) في بحث العامّ والخاصّ أنّ أداة العموم بمقتضى وضعها دالّة ـ مع عدم ذكر قيد لمدخولها ـ على عموم الحكم لأفراد المدخول بلا حاجة إلى مقدّمات الحكمة ؛ ولذا لا يستفاد من أداة العموم التأكيد ، وتقدّم العام الوضعي على العام الإطلاقي لعدم تماميّة مقدمات الحكمة في ناحية العموم الإطلاقيّ إذا اقترنا على ما مرّ.
والصحيح في الجواب في المقام من كون الخاصّ المتقدّم مخصّصا للعامّ
__________________
(١) اصول الكافي ١ : ٥٨.
(٢) دروس في مسائل علم الاصول ٢ : ٣٩٣.