نعم لو لم يكن الباقي تحته بعد تخصيصه إلّا ما لا يجوز أن يجوز عنه التخصيص أو كان بعيدا جدا ، لقدم على العام الآخر ، لا لانقلاب النسبة بينهما ، بل لكونه كالنص فيه ، فيقدم على الآخر الظاهر فيه بعمومه ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
أحد العامّين من وجه في تمام مورد افتراقه عن الآخر يكون شمول دليل الاعتبار لكلّ من العامّ المخصّص والعام الآخر بلا محذور ، حيث يحسب العامّ المخصّص قرينة على المراد الجدّي من العامّ الآخر كما في المثال. أضف إلى ذلك أنّه لا يمكن فيما فرضه من عدم بقاء فرد تحت العامّ المخصّص بعد تخصيصه بالخاصّ الوارد عليه في تمام مورد افتراقه عن الآخر وبقاء النسبة الأولية بحالها. وبتعبير آخر انقلاب النسبة من العموم من وجه إلى العموم والخصوص المطلق يلازم بقاء العامّ المخصّص مع تقديم الآخر عليه بلا مورد أو بلوغ التخصيص إلى مرتبة الاستهجان.
وعلى ذلك يتصوّر فيما إذا كان في البين عامّان بينهما العموم من وجه صور :
الاولى : ما إذا ورد خطاب ثالث يوجب تخصيصهما في تمام مورد اجتماعهما كما إذا ورد في خطاب استحباب إكرام العلماء وفي خطاب آخر كراهة إكرام الفساق ، وفي خطاب ثالث حرمة إكرام العالم الفاسق ، وفي مثل ذلك يكون الخطاب الثالث من شاهد الجمع بين الخطابين ؛ لأنّ له الدلالة على التصرف في كلا الخطابين الأوّلين ولا يرتبط هذا بباب انقلاب النسبة.
ومثل ذلك ما إذا ورد خطابان آخران غير خطابي العامّين من وجه يخصّص أحد الخطابين بعض مورد اجتماع العامين من وجه والآخر البعض الآخر من مورد اجتماعهما ، بحيث لا يبقى تحت العامّين إلّا مورد افتراقهما ، فإنّ هذا أيضا يحسب من شاهد الجمع ، ولا شبهة ولا تأمّل في ارتفاع المعارضة بين العامّين من وجه بذلك ، وإنّما يدخل في انقلاب النسبة ما إذا كان في البين عامّان من وجه بينهما