وفيه ما لا يخفى من الغفلة ، وحسبان أنه التزم قدسسره في مورد الترجيح بحسب الجهة باعتبار تساويهما من حيث الصدور ، إما للعلم بصدورهما ، وإما للتعبد به فعلا ، مع بداهة أن غرضه من التساوي من حيث الصدور تعبدا تساويهما بحسب دليل التعبد بالصدور قطعا ، ضرورة أن دليل حجية الخبر لا يقتضي التعبد فعلا بالمتعارضين ، بل ولا بأحدهما ، وقضية دليل العلاج ليس إلّا التعبد بأحدهما تخييرا أو ترجيحا.
والعجب كل العجب أنه رحمهالله لم يكتف بما أورده من النقض ، حتى ادعى استحالة تقديم الترجيح بغير هذا المرجح على الترجيح به ، وبرهن عليه بما حاصله امتناع التعبد بصدور الموافق ، لدوران أمره بين عدم صدوره من أصله ، وبين صدوره تقية ، ولا يعقل التعبد به على التقديرين بداهة ، كما أنه لا يعقل التعبد بالقطعي الصدور الموافق ، بل الأمر في الظني الصدور أهون ، لاحتمال عدم صدوره ، بخلافه.
ثم قال : فاحتمال تقديم المرجّحات السندية على مخالفة العامة ، مع نص الإمام عليهالسلام على طرح موافقهم ، من العجائب والغرائب التي لم يعهد صدورها من ذي مسكة ، فضلا عمن هو تالي العصمة علما وعملا.
ثم قال : وليت شعري ، إن هذه الغفلة الواضحة كيف صدرت منه؟ مع أنه في جودة النظر يأتي بما يقرب من شق القمر.
______________________________________________________
الخبرين المرجّح للتعبّد بالصدور ، ولم يرد في أخبار الترجيح ما يدلّ على أنّ مع مزاحمة مرجّح الصدور مع المرجّح الآخر كجهة الصدور يتعبّد بما يكون في صدوره رجحان ؛ ولذلك يلزم في موارد ثبوت المرجّح لكلّ منهما في جهة من جهات الخبر ملاحظة حصول أحد الملاكين للترجيح من الظنّ بصدق ذي الترجيح أو الأقربيّة للواقع ، ومع عدم الحصول يرجع إلى إطلاقات التخيير.