وعمدة ما يحتاج إليه هو علم الأصول ، ضرورة أنه ما من مسألة الا ويحتاج في استنباط حكمها إلى قاعدة أو قواعد برهن عليها في الأصول ، أو برهن عليها مقدمة في نفس المسألة الفرعية ، كما هو طريقة الأخباري ، وتدوين تلك القواعد
______________________________________________________
وممّا ذكر يعلم أنّ التفسير لا بدّ من أن يكون دليله نفس الكتاب المجيد أو من السنة والأخبار المعتبرة والنقل المتواتر الإجماليّ ، وهذا النحو من الدليل لا يتعرّض له تماما في الكتب المرسومة في التفسير ، فلا بدّ للمجتهد من معرفة مصادره ولو من غير كتب التفسير من كتب الأخبار ، وأمّا تشخيص ظواهر الآيات من حيث المواد والهيئات التركيبيّة ، وهيئات الألفاظ الواردة من المشتقات فقد تقدّم أنّ المتكفّل لمعرفتها علوم العربيّة.
وقد ذكر قدسسره أنّ عمدة ما يتوقف عليه الاجتهاد هو معرفة المسائل الاصوليّة وتنقيح نتائجها ، فإنّه ما من مسألة فرعيّة في الفقه يتوقّف استنباط الحكم الشرعيّ فيها على ضمّ مقدّمة أو مقدّمات احرزت في علم الاصول وتحسب من نتائج مسائله ، وتدوين تلك المسائل مستقلا وتسميتها بعلم الاصول أو تنقيحها في الكتب الفقهيّة تمهيدا لمسائلها من غير تدوينها في كتاب مستقلّ وتسميتها بعلم الاصول غير فارق ، حيث
إنّ تدوين تلك القواعد وجمعها في كتاب مستقلّ ليس إلّا كجمع مسائل الفقه وبيان أدلّتها في كتاب مستقلّ. وكذا الحال في غيرها من العلوم ، فليس للأخباريّ الدعوى لكون علم الاصول بدعة إلّا تحاشي تدوين تلك المقدمات مستقلا لا إنكار أصلها رأسا.
وقد ذكرنا أنّ التدوين مستقلا لا يدخل في موضوع البدعة ، ودعوى أنّ الاجتهاد والفقاهة كان في الصدر الأوّل ولم تكن تلك القواعد كما ترى ، فإنّ جملة من تلك القواعد كحجيّة الظواهر والأخبار والعلاج في التعارض بين الأخبار وغير ذلك