المحتاج إليها على حدة لا يوجب كونها بدعة ، وعدم تدوينها في زمانهم عليهمالسلام لا يوجب ذلك ، وإلّا كان تدوين الفقه والنحو والصرف بدعة.
وبالجملة لا محيص لأحد في استنباط الأحكام الفرعية من أدلتها إلّا الرجوع
______________________________________________________
كانت في الصدر الأوّل ولم تكن مدوّنة في كتاب مستقلّ ، وبعض القواعد كمباحث الاستلزامات ، كمسألة اقتضاء النهي عن معاملة أو عبادة ومسألة جواز اجتماع الأمر والنهي كانت في أذهان الفقهاء في ذلك الزمان بصورة الارتكاز ، فإنّهم أيضا يرون أنّ مقتضى النهي عن التصرف في ملك الغير والأمر بالوضوء أو الاغتسال أو الصلاة في ملك الغير يرفع اليد عن إطلاقات خطابات الأمر بها بخطاب النهي ، ولكن بما أنّه حدث في الأزمنة المتأخرة شبهة إمكان الأخذ بالإطلاق في كلّ من خطابي الأمر والنهي صارت مسألة جواز اجتماع الأمر والنهي وعدم جوازه بالصورة الفعلية ، وأنّهم يفهمون من مثل قوله سبحانه (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)(١) وجوب الوضوء ومن مثل قوله عليهالسلام : «اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل» (٢) وجوب الغسل ، ووقع في كلام المتأخرين أنّ الأمر في مثل هذه الموارد إرشاديّ وليس بمولويّ ، فادعى بعضهم أنّ الأمر فيها مولويّ غيريّ ، لأنّ الأمر بالشيء وإيجابه يستلزم إيجاب مقدّمته ، والكلام وقع في صحة أحد النظرين والثمرة بينهما ، فاخرجت مسألة مقدّمة الواجب والبحث عن الملازمة بين الإيجابين بصورة فعليّة إلى غير ذلك.
ثمّ إنّ الماتن قدسسره لم يتعرض لعلم المنطق ، ولم يذكر أنّه من مبادئ الاجتهاد ، ولعلّه لكون ما هو لازم في الاجتهاد من كلّية الكبرى وكون صغراها موجبة ونظائر
__________________
(١) سورة المائدة : الآية ٦.
(٢) وسائل الشيعة ٣ : ٤٠٥ ، الباب ٨ من أبواب النجاسات ، الحديث ٢.