لا يقال : إن مجرد إظهار الفتوى للغير لا يدلّ على جواز أخذه واتباعه.
فإنه يقال : إن الملازمة العرفية بين جواز الإفتاء وجواز اتباعه واضحة ، وهذا غير وجوب إظهار الحق والواقع ، حيث لا ملازمة بينه وبين وجوب أخذه تعبدا ، فافهم وتأمل.
______________________________________________________
بصدور بعضها عن الإمام عليهالسلام ، وإمضائهم جواز تقليد العاميّ في الفرعيّات ولو في الجملة ، فيكون مخصّصا لما دلّ على عدم جواز اتّباع غير العلم ، وما دلّ على الذمّ على تقليد الغير من الآيات والروايات كقوله سبحانه : (لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) وقوله سبحانه : (قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلى آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ)(٢) مع إمكان دعوى خروج التقليد في الفرعيّات من الفقيه عن مدلول الآيتين تخصّصا لا تخصيصا ، فإنّ آية الذمّ على الاقتداء راجعة إلى رجوع الجاهل إلى مثله ، وآية النهي عن اتّباع غير العلم ناظرة إلى النهي في الاعتقاديّات التي لا بدّ من تحصيل العلم والمعرفة بها.
وأمّا قياس الفرعيّات بالاعتقاديّات في عدم جواز التقليد ، بدعوى أنّ مع غموض الأمر في الاعتقاديّات لا يجوز التقليد فيها ، فكيف يجوز في الفرعيّات مع سهولة الوصول إليها فلا يمكن المساعدة عليه ، فإنّ الاصول الاعتقاديّة المطلوب فيها العلم واليقين والاعتقاد مسائل معدودة يتيسّر تحصيل العلم بها لكلّ شخص ، بخلاف الفرعيّات التي لا يتيسّر الاجتهاد الفعليّ في مسائلها إلّا في كلّياتها للأوحديّ في طول عمرهم كما لا يخفى.
أقول : الحكم العقليّ الفطريّ وإن كان المنشأ في بناء العقلاء على الرجوع في
__________________
(١) سورة الإسراء : الآية ٣٦.
(٢) سورة الزخرف : الآية ٢٢.