لأجل كون الرأي عند أهل العرف من أسباب العروض لا من مقومات المعروض ، إلّا أن الإنصاف عدم كون الدعوى خالية عن الجزاف ، فإنه من المحتمل ـ لو لا المقطوع ـ أن الاحكام التقليدية عندهم أيضا ليست أحكاما لموضوعاتها بقول مطلق ، بحيث عدّ من ارتفاع الحكم عندهم من موضوعه ، بسبب تبدل الرأي ونحوه ، بل إنما كانت أحكاما لها بحسب رأيه ، بحيث عدّ من انتفاء الحكم بانتفاء موضوعه عند التبدل ، ومجرد احتمال ذلك يكفي في عدم صحة استصحابها ،
______________________________________________________
بقائه منجّز بالإضافة إلى التكاليف المتوجهة إلى المقلّدين فلا موضوع للحجيّة ؛ لانتفاء ذلك النظر بالموت.
هذا كلّه مع قطع النظر عمّا ذكرنا في اعتبار شيء طريقا حيث يعتبر ذلك الشيء علما بالواقع ، وعليه فالمكلّف عند تعلّم رأي المجتهد وفتواه حال حياته للعمل كان عالما بتكاليفه الواقعيّة في نظر الشارع ويشكّ بعد موته أنّ المتعلّم منه كذلك يكون أيضا عالما بتلك التكاليف بنظر الشارع ، فبناء على جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة يجري الاستصحاب في بقائه عالما بها.
وأمّا ما ذكره قدسسره في وجه عدم جواز البقاء وتقليد الميّت ابتداء بقياس الأولويّة فقد ذكرنا ما فيه ، فإنّ الإجماع على عدم جواز البقاء وتقليد المجتهد بعد الجنون أو الهرم الذي يلحق معه الشخص بالصبيان ، للعلم بعدم رضا الشارع بزعامتها الدينيّة ، بخلاف الموت فإنّه ارتحال الشخص من عالم إلى عالم أرقى حيث بموت الأنبياء والمعصوم والأولياء لا ينقص من شرفهم وعظمتهم شيئا ؛ ولذلك نلتزم بجواز البقاء على تقليد الميّت إذا لم يكن في الأحياء الموجودين من هو أعلم منه ، بل وجوب البقاء على تقليده إذا كان هو أعلم منهم ، وتعلّم منه حال حياته الوظائف الشرعيّة للعمل بها ، وأمّا ما لم يتعلّمها فاللازم فيها الرجوع إلى الحيّ على التفصيل السابق.