دل على شيخ من أهل الكوفة يلي البيعة ، فلقيه فأخبره ، فقال له الشيخ : لقد سرني لقاؤك إياي ، وقد ساءني ، فأما ما سرني من ذلك فما هداك الله له ، وأما ما ساءني فان أمرنا لم يستحكم بعد فادخله إليه فأخذ المال وبايعه ورجع الى عبيد الله فاخبره.
فتحول مسلم حين قدم عبيد الله بن زياد من الدار التي كان فيها الى منزل هانئ بن عروة المرادي ، وكتب مسلم بن عقيل الى الحسين بن علي (ع) يخبره ببيعة اثنى عشر الفا من أهل الكوفة ، ويأمره بالقدوم ، وقال عبيد الله لوجوه أهل الكوفة : مالي أرى هانئ بن عروة لم يأتني فيمن أتاني! قال : فخرج إليه محمد بن الاشعث في ناس من قومه ، وهو على باب داره ، فقالوا : إن الأمير قد ذكرك واستبطاك فانطلق إليه ، فلم يزالوا به حتى ركب معهم ، وسار حتى دخل على عبيد الله وعنده شريح القاضي ، فلما نظر إليه قال لشريح : « أتتك بحائن رجلاه » فلما سلم عليه ، قال : يا هانئ اين مسلم؟ قال : ما ادري ، فأمر عبيد الله مولاه صاحب الدراهم فخرج إليه ، فلما رآه قطع به ، فقال : أصلح الله الأمير ، والله ما دعوته الى منزلي ، ولكنه جاء فطرح نفسه علي ، قال ائتني به ، قال : والله لو كان تحت قدمي ما رفعتهما عنه ، قال : ادنوه إلي ، فأدني فضربه على حاجبه فشجه ، قال : وأهوى هانئ الى سيف شرطي ليسله ، فدفع عن ذلك ، وقال : قد أحل الله دمك ، فأمر به فحبس في جانب القصر (٣٥٨).
وروى الطبري بعد هذا حديثا فيما يتعلق بتفصيل الحادثة ثم ذكر
__________________
(٣٥٨) تأريخ الطبري ٥ / ٣٤٧ ـ ٣٤٩ طبع دار المعارف بمصر تحقيق أبو الفضل ابراهيم.