٢ ـ وعن الحسين بن محمد ، عن الخيراني ، عن أبيه ، أنه قال : « كان يلزم باب أبي جعفر عليهالسلام للخدمة التي كان وكل بها ، وكان أحمد بن محمد بن عيسى يجيئ في السحر في كل ليلة ، ليعرف خبر علّة أبي جعفر عليهالسلام ، وكان الرسول الذي يختلف بين أبي جعفر عليهالسلام وبين أبي إذا حضر قام أحمد وخلا به أبي ، فخرج ذات ليله وقام أحمد عن المجلس وخلا أبي بالرسول ، واستدار أحمد فوقف حيث يسمع الكلام ، فقال الرسول لأبي : إن مولاك يقرأ عليك السلام ويقول لك : إني ماضٍ والأمر صائر إلى ابني علي ، وله عليكم بعدي ما كان لي عليكم بعد أبي.
ثم مضى الرسول ورجع أحمد إلى موضعه ، وقال لأبي : ما الذي قد قال لك؟ قال : خيراً. قال : قد سمعت ما قال ، فلم تكتمه؟ وأعاد ما سمع فقال له أبي : قد حرم الله عليك ما فعلت ، لأنّ الله تعالى يقول : ( ولا تجسسوا ) (١) فاحفظ الشهادة لعلنا نحتاج إليها يوماً ما ، وإياك أن تظهرها إلى وقتها.
فلما أصبح أبي كتب نسخة الرسالة في عشر رقاع ، وختمها ودفعها إلى عشرة من وجوه العصابة ، وقال : إن حدث بي حدث الموت قبل أن اطالبكم بها فافتحوها واعملوا بما فيها.
فلما مضى أبو جعفر عليهالسلام ذكر أبي أنه لم يخرج من منزله حتى قطع على يديه نحو من أربعمائة إنسان ، واجتمع رؤساء العصابة عند محمد بن الفرج يتفاوضون هذا الأمر ، فكتب محمد بن الفرج إلى أبي يعلمه باجتماعهم عنده ، وأنه لولا مخافة الشهرة لصار معهم إليه ، ويسأله أن يأتيه ، فركب أبي وصار إليه ، فوجد القوم مجتمعين عنده ، فقالوا لأبي : ما تقول في هذا الأمر؟ فقال أبي لمن عنده الرقاع :
__________________
(١) سورة الحجرات ٤٩ : ١٢.