بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة » (١).
وعن الفتح بن يزيد الجرجاني ، عن أبي الحسن عليهالسلام ، قال : سمعته يقول : وهو اللطيف الخبير ، السميع البصير ، الواحد الأحد الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ، لو كان كما يقول المشبهة لم يعرف الخالق من المخلوق ، ولا المنشئ من المنشأ ، لكنه المنشئ ، فرق بين من جسمه وصوره وأنشأه ، إذ كان لا يشبهه شيء ، ولا يشبه هو شيئاً.
قلت : أجل جعلني الله فداك ، لكنك قلت : الأحد الصمد ، وقلت : لا يشبهه شيء ، والله واحد ، والانسان واحد ، أليس قد تشابهت الوحدانية؟
قال : يا فتح ، أحلت ثبتك الله ، إنما التشبيه في المعاني ، فأما في الأسماء فهي واحدة ، وهي دالة على المسمى ، وذلك أن الانسان وإن قيل واحد فإنه يخبر أنه جثة واحدة ، وليس باثنين ، والانسان نفسه ليس بواحد ، لأن أعضاءه مختلفة ، وألوانه مختلفة غير واحدة ، وهو أجزاء مجزأة ليست بسواء ، دمه غير لحمه ، ولحمه غير دمه ، وعصبه غير عروقه ، وشعره غير بشره ، وسواده غير بياضه ، وكذلك سائر جميع الخلق ، فالانسان واحد في الاسم لا واحد في المعنى ، والله جل جلاله هو واحد في المعنى لا واحد غيره ، لا اختلاف فيه ولا تفاوت ولا زيادة ولا نقصان ، فأما الانسان المخلوق المصنوع المؤلف من أجزاء مختلفة وجواهر شتى ففيه اختلاف وتفاوت وزيادة ونقصان غير أنه بالاجتماع شيء واحد.
قلت : جعلت فداك ، فرجت عني فرج الله عنك ، فقولك اللطيف الخبير فسّره لي كما فسرت الواحد ، فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه
__________________
(١) إكمال الدين : ٣٧٩ / ١ ـ باب ٣٧ ، التوحيد : ٨١ / ٣٧.