يطردون بخيلهم في بغداد ، وضاقت بهم البلد ، فاجتمع إليه أهل بغداد وقالوا : إما أن تخرج من بغداد ، فإن الناس قد تأذوا بعسكرك ، أو نحاربك ، فكان سبب خروج المعتصم إلى القاطول في سنة ٢٢٠ فاختطّ موضع المدينة التي بناها هناك ، ثم ارتحل من القاطول إلى سر من رأى ، وكان ابتداء ذلك في سنة ٢٢١ هـ (١).
وقد استخدم المعتصم من المماليك الترك قريب من عشرين ألفا (٢) ، ثم في عصر الواثق والمتوكل ومن جاء بعدهم ازداد نفوذ الأتراك في عاصمة العسكر سامراء ، حيث توصلوا الى نقاط حساسة في الدولة كولاة وعمال وقادة جيش ، ومنهم الافشين وأشناس ومنكجور الاشروسني وايتاخ وبغا الكبير ، وابناه موسى ومحمد ، وبابكيال ، وياركوج ، واذكوتكين ، وبغا الصغير الشرابي ، ووصيف بن باغر وغيرهم. وكانت لهم قيادة الجيش وتدبير شؤون الخليفة والدولة ، بل كان عزل ونصب القواد والامراء والولاة والقضاة بيد هؤلاء ، حتى أنهم كانوا سبباً في إثارة الفتن والفساد في الدولة وانتهاك مصالح الاُمّة ومقدراتها ، بالخروج عن الطاعة وإثارة الحروب لسلب الأموال العامة وهتك الاعراض وإذلال الناس بمختلف طبقاتهم.
هذا مع كون بعضهم لا يدين بالإسلام مثل الافشين الذي عقد له المعتصم مجلساً سنة ٢٢٥ فظهر أنه باق على دين أجداده من الفرس ، وأنه يريد أن ينصر
__________________
(١) تاريخ الخلفاء / السيوطي : ٢٥٩ ، معجم البلدان / ياقوت الحموي ـ المجلد الثالث : ١٠ ـ ١٣ ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت ـ ١٤١٧ هـ ، الانساب / السمعاني ٤ : ١٩٣ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٧٢.
(٢) البداية والنهاية ١٠ : ٣٢٥.