غليظا على جماعتهم ، مهتمّا بأمورهم ، شديد الغيظ والحقد عليهم وسوء الظن والتهمة لهم ، واتّفق له أن عبيداللّه بن يحيى بن خاقان وزيره كان يسيء الرأي فيهم ، فحسّن له القبيح في معاملتهم ، فبلغ فيهم مالم يبلغه أحدٌ من خلفاء بني العباس قبله (١).
من هنا فرض المتوكل حصارا قاسياً على آل أبي طالب ، واستعمل على المدينة ومكة عمر بن الفرج الرخجي وبلغ في هذا الاتجاه مبلغا لم يبلغه أحد ممن سبقه ، فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس ، ومنع الناس من البر بهم ، وكان لا يبلغه أن أحداً أبر أحداً منهم بشيء وان قلّ إلا أنهكه عقوبة وأثقله غرماً ، حتى كان القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة ثم يرقعنه ، ويجلسن على مغازلهن عواري حواسر ، إلى أن قتل المتوكل فعطف المنتصر عليهم وأحسن إليهم (٢).
وتجاوز المتوكل في الاساءة جميع الخطوط ، فتعرض آل أبي طالب بشكل عام والعلويون بشكل خاص لصنوف الأذى والقسوة في زمانه ، وتفرق رجالهم في مختلف بقاع الارض تاركين أوطانهم ومرابع طفولتهم ، وأعلن آخرون الجهاد بوجه الطغيان ، واختفى بعض كبارهم طيلة مدة حكمه الذي استمر نحو ١٥ عاماً ، وتعرض بعضهم للمطاردة والابعاد أو الاعتقال أو التصفية بدسّ السمّ اليهم وهم سجناء ، وأُجْبِرَ آخرون على ارتداء السواد الذي يمثّل شعار الدولة العباسية.
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٤٠٦.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٣٩٦.